باب المسح على الخفين
1ـ الخفان: ما يُلبس على الرجل من الجلود ويلحق بهما ما يُلبس عليهما من الكتَّان والصوف وشبه ذلك من كل ما يُلبس على الرجل ما تستفيد منه بالتسخين.
2ـ تسمى الخفاف التساخين لأنها تسخن الرجل.
3ـ المسح على الخفين جائز باتفاق أهل السُّنة وخالف في ذلك الرافضة ولهذا يذكره العلماء في كتب العقيدة حتى صار شعاراً لهم.
4ـ المسح على الخفين جائز بالكتاب والسُّنة والإجماع.
5ـ الدليل من القرآن قوله تعالى: [وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الكَعْبَيْنِ] {المائدة:6}.
6ـ الدليل من السُّنة: تواترت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
7ـ قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: «ليس في قلبي من المسح شيء فيه أربعون حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم».
معنى ذلك: ليس في قلبي أدنى شك في الجواز.
8ـ الإجماع: أجمع أهل السُّنة على جواز المسح على الخفين بالجملة.
9ـ قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «جعل النبي صلى الله عليه وسلم للمقيم يوماً وليلة وللمسافر ثلاثة أيام بلياليهن» رواه مسلم.
10ـ الأحوال التي تبدأ به مدة المسح على الخفين:
1ـ حال اللبس.
2ـ حال الحدث.
3ـ حال المسح.
11ـ الصواب: أن العِبرة بالمسح على الخفين وليس بالحدث.
12ـ شروط المسح على الخفين:
1ـ المقيم يوم وليلة.
2ـ المسافر ثلاثة أيام بلياليهن.
3ـ الطهارة من الحدث الأصغر والأكبر.
4ـ أن يكون مباحاً.
5ـ ساتراً للفرض.
6ـ أن يثبت الخفين بنفسه.
13ـ يشترط طهارة العين في الخفاف:
1ـ الطهارة من النجاسة العينية: مثل: أن يكون الخف من جلد حمار.
2ـ الطهارة من النجاسة الحكمية: مثل: أن يكون الخف متنجساً.
14ـ يجوز المسح على الخف المتنجس ولكن لا يصلي به لأنه يشترط الصلاة اجتناب النجاسة.
15ـ لا يشترط للمس المصحف أن يكون متطهراً من النجاسة ولكن يشترط أن يكون متطهراً من الحدث.
16ـ الحكمة من منع المسح على نجاسة العين: أن المسح على نجاسة العين لا يزيده إلا تلويثاً بل إن اليد إذا باشرت هذا النجس وهي مبلولة تنجست.
17ـ المحرم من لبس الخف:
1ـ محرم لكسبه: مثل: المغصوب والمسروق.
2ـ محرم لعينه: مثل: الحرير للرجال والصورة على الخف.
18ـ اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: أن كثيراً من الصحابة كانوا فقراء وغالب الفقراء لا تخلو خفافهم من خروق فإذا كان هذا غالباً أو كثيراً من قوم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينبه عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم دل على أنه ليس بشرط.
19ـ إن الخف إذا جاء على وفق ما أطلقته السُّنة فما ظهر من القدم لا يجب غسله بل يكون تابعاً للخف ويمسح عليه.
20ـ الصحيح: عدم اعتبار شرط ستر الفرض لأنه محل خلاف بين العلماء.
21ـ ما هو الدليل على جواز المسح على الخفين الذي لا يثبت بنفسه؟
الدليل عدم الدليل على اشتراط أن يثبت بنفسه.
22ـ الخف ما يكون من الجلد.
23ـ الجوارب ما يكون من غير جلد كالخرق ونحوها.
24ـ دليل المسح على الجوارب القياس على الخف إذ لا فرق بينهما في حاجة الرجل إليهما.
25ـ الموق خف قصير يمسح عليه.
26ـ ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الموق.
27ـ كل ما يلبس على الرجل سواء سُمي خفاً أو جورباً أو موقاً أو غير ذلك فإنه يجوز المسح عليه لأن العلة واحدة.
28ـ يجوز المسح على عمامة الرجل.
29ـ العمامة: كل ما يعم به الرأس ويكوّر عليه وهي معروفة.
30ـ الدليل على جواز المسح على العمامة حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مسح بناصيته وعلى العمامة وعلى خُفيه) رواه مسلم.
31ـ يشترط في العمامة ما يشترط للخف من طهارة العين وأن تكون مباحة فلا يجوز المسح على عمامة نجسة فيها صور أو عمامة حرير.
32ـ يشترط في العمامة:
1ـ أن تكون لرجل.
2ـ أن تكون محنكة أو ذات ذؤابة.
3ـ أن تكون مباحة.
4ـ أن تكون طاهرة العينية.
5ـ أن تكون طاهرة الحكمية.
33ـ اشتراط التحنيك أو ذات ذؤابة ما جرت به العادة بلبسه عند العرب.
34ـ المحنكة: هي التي يدار منها تحت الحنك.
35ـ ذات ذؤابة: هي التي يكون أحد طرفيها متدلياً من الخلف وذات بمعنى صاحبة.
36ـ المحنكة يشق نزعها بخلاف المكوَّرة دون تحنيك.
37ـ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: أنه لا دليل على اشتراط أن تكون محنكة أو ذات ذؤابة.
38ـ يجب المسح على العمامة ويستحب المسح على ما ظهرت به الناصية.
39ـ خمار المرأة بمنزلة عمامة الرجل والمشقة موجودة في كليهما.
40ـ طهارة الرأس فيها شيئ من التسهيل.
41ـ لو لبّدت المرأة رأسها بالحناء جاز لها المسح عليه ولا حاجة إلى أن تنقض رأسها وتمسح تحت هذا الحناء.
42ـ لو شدت المرأة على رأسها ما يسمى بالهامة من الحلي فلها المسح عليه إذ جوِّز بالمسح على الخمار فهذا من باب أولى.
43ـ ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في إحرامه ملبداً رأسه ومن وضع على الرأس من التلبيد فهو تابع له.
44ـ خمر النساء يشترط أن تكون مدارة تحت حلوقهن ليست مطلقة مرسلة لأن هذا لا يشق نزعها بخلاف المدارة.
45ـ قال بعض العلماء: لا يشترط توقيت المسح على الخمار والعمامة لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه وقتها ولأن طهارة العضو التي هي عليه أخف من طهارة الرجل في المسح على الخفين فلا يمكن إلحاقها بالخف فإذا كانت عليك فامسح عليه ولا توقيت فيها.
46- العمامة والخف والخمار تمسح في الحدث الأصغر دون الأكبر.
47ـ حديث صفوان بن عسَّال رضي الله عنه قال: «أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنا سفراً ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام بلياليهن إلا من جنابة ولكن من بول وغائط ونوم».
48ـ الممسوحات الثلاثة: الخف والعمامة والخمار لها شروط تتفق فيها وهي:
1ـ أن تكون في الحدث الأصغر.
2ـ أن يكون الملبوس طاهراً.
3ـ أن يكون مباحاً.
4ـ أن يكون لبسها على طهارة.
5ـ أن يكون المسح في المدة المحددة.
49ـ الممسوحات الثلاثة: الخف والعمامة والخمار لها شروط تختلف عن بعضها وهي:
1ـ الخف: لا يشترط أن يكون ساتراً للمفروض.
يجوز المسح عليه للذكور والإناث.
2ـ العمامة: لا يشترط أن يكون ساتراً للمفروض.
يشترط أن تكون على الرجل.
3ـ الخمار: لا يشترط أن يكون ساتراً للمفروض.
يشترط أن تكون على الأنثى.
50ـ الجبيرة لا تتجاوز قدر الحاجة. والحاجة: هي الكسر وكل ما قرب منه مما يحتاج إليه في شدها.
51ـ المسح على الجبيرة من باب الضرورة والضرورة لا فرق فيها بين الحدث الأكبر والأصغر بخلاف المسح على الخفين فهو رخصة.
52ـ أن المسح ورد التعبد به من حيث الجملة فإذا عجزنا عن الغُسل انتقلنا إلى المسح كمرحلة أخرى.
53ـ الفروق بين المسح على الجبيرة والمسح على الخفين:
ـ الجبيرة:
1-المسح على الجبيرة عزيمة وغير مؤقتة.
2- المسح على الجبيرة في الحدث الأصغر والأكبر.
3- المسح على الجبيرة يكون على جميعها.
4- المسح على الجبيرة لا يختص بعضو معين.
5- المسح على الجبيرة لا يشترط لبسها على طهارة.
ـ الخفين:
1- المسح على الخفين رخصة ومؤقتة.
2- المسح على الخفين في الحدث الأصغر.
3- المسح على الخفين يكون على ظاهر القدم.
4- المسح على الخفين يختص بالرِّجل.
5- المسح على الخفين يشترط لبسها على طهارة.
54ـ هل يجمع بين المسح والتيمم ؟
قال بعض العلماء: يجب الجمع بينهما احتياطياً.
والصحيح: أنه لا يجمع بينهما لأن القائلين بوجوب التيمم لا يقولون بوجوب المسح والقائلين بوجوب المسح لا يقولون بوجوب التيمم فالقول بوجوب الجمع بينهما خارج عن القولين.
55ـ قال العلماء: الجرح ونحوه يكون مكشوفاً أو مستوراً.
- المكشوف: الواجب غسله فإن تعذر يمسح فإن تعذر يتيمم وهذا على الترتيب.
- المستور: وذلك بما يسوغ ستره فليس فيه إلا المسح فقط فإن أضره المسح مع كونه مستوراً فيعدل إلى التيمم.
56ـ إن برئ الجرح وجب إزالته لأن السبب الذي جاز أجله وضع الجبيرة والمسح عليها زال وإذا زال السبب انتفى المسبب.
57ـ اختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: أنه يجوز إذا طهر الرِّجل اليمنى أن يلبس الخف ثم يطهر الرِّجل اليسرى ثم يلبس الخف.
58ـ الأحوط أن يلبس الخفين بعد إتمام الوضوء ولكن لا نجسر على رجل غسل رجله اليمنى ثم أدخل الخف ثم غسل اليسرى ثم أدخلها الخف أن نقول له: أعد صلاتك ووضوءك ولكن نأمر من لم يفعل أن لا يفعل احتياطياً.
59ـ اشتراط كمال الطهارة في الجبيرة ضعيف للأسباب التالية:
1ـ لا دليل على ذلك.
2ـ لا يصح قياسها على الخفين لوجود الفرق.
3ـ تأتي مفاجأة وليست كالخف متى ما شئت تلبسه.
60ـ الصحيح:
1ـ إذا مسح مسافراً ثم أقام يتم مسح مقيم.
2ـ إذا مسح مقيماً ثم سافر أو شك في ابتداء مسحه فإنه يتم مسح مسافر ما لم تنته مدة الحضر قبل سفره فإن انتهت فلا يمكن أن يمسح.
61ـ القلانس: جمع قلنسوة وهي نوع من اللباس الذي يوضع على الرأس وهي عبارة عن طاقية كبيرة.
62ـ لا يجوز المسح على القلانس لأن الأصل وجوب مسح الرأس بقوله تعالى: [وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ].
63ـ قال بعض العلماء: يمسح على القلانس إذا كانت مثل العمامة يشق نزعها أما ما لا يشق نزعه كالطاقية المعروفة فلا يمسح عليها.
64ـ ما دام الشرع قد أجاز المسح على العمامة فكل ما كان مثلها في مشقة النزع فإنه يعطي حكمها.
65ـ اختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى جواز المسح على اللفافة.
66ـ اللفافة: ما يوضع من الخرقة على القدم.
67ـ إذا لبس خفاً ثانياً على طهارة جاز له أن يمسح عليه لأنه يصدق عليه أنه أدخل رجليه طاهرتين لقوله صلى الله عليه وسلم: (فإني أدخلهما طاهرتين) وهو شامل طهارة الغُسل والمسح.
68ـ قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح أعلى الخف» رواه أبو داود.
69ـ الرأي هو العقل وهل الدين مخالف للعقل؟ الجواب: لا ولكن مراد علي رضي الله عنه إن صح نسبه إليه هو بادي الرأي كما قال تعالى: [نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ] {هود:27} أي: في ظاهر الأمر.
70ـ كيفية المسح على الخفين:
أن يبتدئ من أصابع رجله إلى ساقه وقد وردت آثار عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بأنه مسح بأصابعه مفرقة حتى يرى فوق ظهر الخف خطوط كالأصابع.
71- إذا كان الخف أكبر من القدم فهل يمسح من طرف الخف أو طرف الأصابع؟
الخف هنا زائد عن الحاجة والزائد لا حكم له ويكون الحكم مما يحاذي الأصابع والعمل بالظاهر الأحوط.
72- هل يمسح على الخفين معاً أو يبدأ باليمنى؟
1ـ يمسح عليهما معاً لظاهر حديث المغيرة رضي الله عنه.
2ـ يمسح اليمنى أولاً لأن المسح بدل الغُسل والبدل له حكم المبدل.
3ـ يمسح عليهما معاً أما إذا كان لا يمكنه مثل أن تكون إحدى يديه مقطوعة أو مشلولة فإنه يبدأ باليمنى.
73- طريقة غسل الجنابة لمن به جبيرة: يجزئ الغُسل إن أمر يداً عليها لأن إمرار اليد جعل الغُسل مسحاً وهذا أحوط لكن الاقتصار على المسح أفضل وأولى.
74- إذا ظهر من القدم بعض محل الغرض كالكعب مثلاً أو أن العمامة ارتفعت من مكانها فإنه يلزمه أن يستأنف الطهارة ويغسل رجليه ويمسح على رأسه.
75- الصحيح: أنه إذا تمت المدة والإنسان على طهارة فلا تبطل لأنها ثبتت بمقتضى دليل شرعي وما ثبت بمقتضى دليل شرعي فلا ينتقض إلا بدليل شرعي آخر ولا دليل على المسألة والأصل بقاء الطهارة وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى.
76- لو اغتسل من جنابة ومسح على الجبيرة لا يلزمه الغُسل كاملاً لأن الموالاة على المذهب لا تشترط في الغسل.
77- لا تبطل طهارة لبرء ما تحت الجبيرة أو انتقاضه بل يعيد شدها في الحال أو متى شاء لأن الجبيرة على القول الراجح لا يشترط وضعها على طهارة.