المقدمة
[rtl]الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.[/rtl]
[rtl]عجائب الخيرات، ما لا عين رأت، ولا أُذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر .. ليشمر عن ساعد الجد المؤمنون طمعًا في نعيمه وعطائه، ويرجع إلى سبيله الغافلون رغبةً في رحمته وجناته، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «قال الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر»..[/rtl]
[rtl]واقرءوا إن شئتم }فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ{ [السجدة: 17]([size=24][1]).[/size][/rtl]
[rtl]وتعال معي..[/rtl]
[rtl]تعال معي لنوقظ قلبًا غافلاً بلمسةٍ باردة هادئةٍ من التفكُّر في آلاء الله ونعمه في جنات عدن.[/rtl]
[rtl]تعال معي نتعرف على نساء الجنة، ونلمح شيئًا من جمالهنَّ وحُسنهنَّ ورقتهنَّ وحور عيونهنَّ .. فَرُبَّ مُتفكِّرٍ في حُور الجنة صرعه تفكُّره؛ فلم يزل يتقلَّب بين منازل التوبة والتقرُّب إلى الله حتى لاقاه الله بهنَّ في نعيمه المقيم وأنعِم به من لقاء.
[/rtl]
[/rtl]
[rtl]لقد عرفنا الله الجنة ترغيبًا فيها، وبيَّن لنا بعضًا من نعميها وأخفى عنا بعضًا زيادة في الترغيب والتشويق، لذلك فإنَّ نعيم الجنة مهما وُصِف لا تُدركه العقول؛ لأنَّ فيها من الخير ما لا يخطر على بال ولا يعرفه أحدٌ بحال. فهل عرفت أخي الجنة؟![/rtl]
[rtl]إنها دار خُلدٍ وبقاء، لا بأس فيها ولا شقاء، ولا أحزان ولا بكاء .. لا تنقضي لذَّاتها ولا تنتهي مسرَّاتها .. كلُّ ما فيها يذهل العقل ويُسحر الفكر ويُسكر الرُشد ويصرع اللُّب.[/rtl]
هِيَ جَنَّةٌ طَابَتْ وَطَابَ نَعِيمُهَا | ||
فَنَعِيمُهَا بَاقٍ وَلَيْسَ بِفَانِ | ||
[rtl]هي نورٌ يتلألأ، وريحانةٌ تهتزُّ، وقصرٌ مشيدٌ ونهرٌ مطرد، وفاكهةٌ نضيجة، وزوجةٌ حسناءُ جميلة، وحُللٌ كثيرةٌ في مقام أبدًا في حبرةٍ ونضرةٍ في دُور عاليةٍ سليمةٍ بهيةٍ تتراءى لأهلها كما يتراءى الكوكب الدُرِّيُّ الغائر في الأفق.[/rtl]
[rtl]عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: [/rtl]
[rtl]قلت: يا رسول الله، ممَّ خُلِق الخَلق؟ [/rtl]
[rtl]قال: «من الماء».[/rtl]
[rtl]قلت ما بناء الجنة؟ [/rtl]
[rtl]قال: «لبنة من فضة ولبنة من ذهب، ملاطها ([size=24][2]) المسك الأذفر، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وتربتها الزعفران، من دخلها ينعم لا يبأس، ويخلد لا يموت، لا تُبلى ثيابهم، ولا يفنى شبابهم»([3]) .[/size][/rtl]
[rtl]فيا لها من لذة!.. ويا له من نعيم!.. }لِلَّذِينَ اتَّقَوا عِندَ رَبِّهِم جَنَّاتٌ تَجْرِيَ مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللهِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالعِبَادِ{.[/rtl]
وَجَنَّاتُ عَدنٍ زُخرِفَتْ ثُمَّ أُزلِفَت | ||
لقَومٍ عَلَى التَّقوَى دَوَامًا تَبَتَّلُوا | ||
بِهَا كُلُّ مَا تَهْوَى النفُوسُ وَتَشْتَهِي | ||
وَقُوَّةُ عَيْنٍ لَيْسَ عَنْهَا تَحَوُّلُ | ||
[rtl]أخي.. [/rtl]
[rtl]هل يُعقل أن يدرك عقل المرء هذا النعيم ثم يزهد فيه؟![/rtl]
[rtl]هذا داعي الخير يناديك، ويُحرِّك فيك نشاط التنافس والمسارعة }وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ{ [آل عمران: 133].[/rtl]
[rtl]فسارع إلى المغفرة والملك الكبير، فقد دعاك البشير..[/rtl]
يَا طَالِبَ الدُنيَا الدَّنيَّةَ إنَّهَا | ||
شَرَكُ الرَّدَى وَقَرَارَةُ الأَقذَارِ | ||
دَارٌ مَتَى مَا أَضحَكَتْ فِي يَوْمِهَا | ||
أَبْكَتْ غَدًا تبًّا لَهَا مِنْ دَارِ | ||
[rtl]فاللبيب من باع الدنيا بالآخرة، قال تعالى: }وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى{ [الضحى: 4]. [/rtl]
[rtl]والكيِّس من صنع السعادة بيده، فبحث عن طريق الجنة فسلكه، وإنما طريقها توحيد الله واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم، وأداء الفرائض والواجبات، والبعد عن الفواحش والكبائر والمحرمات، والتقرب إلى الله بالنوافل وصالح الطاعات، والإنابة والتوبة إلى الله في الظلمات والخلوات، والاستغفار من الخطايا والزلات، والتنوُّر بنور العلم وسليم الفهم والعمل بذلك، وملازمة الإخلاص والصدق مع الله؛ فإنَّ السالك لهذا الطريق لا يخيب ظنه ولا يُعرقل سيره ولا يضيع سعيه .. قال تعالى: }وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ{ [العصر: 1- 3].[/rtl]
([size=19][1]) البخاري (6/230) ومسلم (2824) .[/size]
([size=19][2]) الملاط: الطين، وهو المادة التي توضع بين اللبنتين.[/size]
([size=19][3]) الترمذي (2526) وأحمد (2/445) وصححه الألباني في تخريج المشكاة (5630).[/size]