بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى وكما ينبغي لجلال وجهه ولعظيم سلطانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .. وبعد.
فهذه أحاديث جمعتها من الصحيحين فيما يتعلق في الجنة والنار وسميتها «الاعتبار في ذكر الجنة والنار» فما كان من صواب فمن الله وما كان من خطأ فمني ومن الشيطان والله بريء منه ورسوله ونسأل الله أن يقبل العمل ويعفو عن الزلل إنه قريب مجيب سميع الدعاء وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
باب إذا وضع الميت في قبره
عن قتادة حدثنا أنس بن مالك قال: قال نبي الله r: «إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم. قال يأتيه ملكان فيقعدانه فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ قال: فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله. قال: فيقال له: انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعدًا من الجنة. قال نبي الله r فيراهما جميعًا» رواه مسلم.
وعن البراء بن عازب عن النبي r قال: «يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت. قال: نزلت في عذاب القبر يقال له: من ربك؟ فيقول: ربي الله ونبيي محمد r فذلك قوله عز وجل: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ}» رواه مسلم.
وفي البخاري قال: «إذا أقعد المؤمن في قبره أُتي ثم شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله فذلك قوله: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ}».
وعن قتادة عن أنس رضي الله عنه عن النبي r قال: «العبد إذا وضع في قبره وتولى وذهب أصحابه حتى إنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فأقعداه فيقولان له ما كنت تقول في هذا الرجل محمد r فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله فيقال: انظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعدًا من الجنة. قال النبي r فيراهما جميعًا وأما الكافر أو المنافق فيقول لا أدري كنت أقول ما يقول الناس فيقال لا دريت ولا تليت ثم يضرب بمطرقة من حديد ضربة بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين» رواه البخاري.
باب عذاب القبر
وعن قتادة عن أنس أن النبي r قال: «لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر» رواه مسلم.
وعن أبي أيوب قال: خرج رسول الله r بعدما غربت الشمس فسمع صوتًا فقال: «يهود تعذب في قبورها» رواه مسلم.
وعن ابن عباس قال: مر رسول الله r على قبرين فقال: «أما إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة وأما الآخر: فكان لا يستتر من بوله» وفي بعض الألفاظ «لا يستتر من البول» رواه البخاري ومسلم.
وعند البخاري وما يعذبان في كبير وإنه لكبير.
وعن زيد بن ثابت قال: بينما النبي r في حائط لبني النجار على بغلة له ونحن معه إذ حادت به فكادت تلقيه وإذا أقبر ستة أو خمسة أو أربعة فقال: «من يعرف أصحاب هذه الأقبر؟ فقال رجل: أنا. قال: فمتى مات هؤلاء؟ قال: ماتوا في الإشراك. فقال: إن هذه الأمة تبتلى في قبورها فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه ثم أقبل علينا بوجهه فقال: تعوذوا بالله من عذاب النار. قالوا: نعوذ بالله من عذاب النار. فقال: تعوذوا بالله من عذاب القبر. قالوا: نعوذ بالله من عذاب القبر. قال: تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن. قالوا: نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن. قال: تعوذوا بالله من فتنة الدجال. قالوا: نعوذ بالله من فتنة الدجال» رواه مسلم.
باب عرض مقعد الميت عليه من الجنة أو النار
عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله r قال: «إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن أهل النار يقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة» رواه البخاري ومسلم.
وعن سالم عن ابن عمر قال: قال النبي r: «إذا مات الرجل عرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فالجنة وإن كان من أهل النار فالنار قال: ثم يقال: هذا مقعدك الذي تبعث إليه يوم القيامة» رواه مسلم.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله r: «لا يدخل أحد الجنة إلا أُري مقعده من النار لو أساء ليزاد شكرًا ولا يدخل النار أحد إلا أُري مقعده من الجنة لو أحسن ليكون عليه حسرة» رواه البخاري.
باب صفة القيامة
عن أبي هريرة عن رسول الله r قال: «إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة اقرؤوا إن شئتم {فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا}» رواه البخاري ومسلم.
وعن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله r: «يطوي الله عز وجل السماوات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى ثم يقول أنا الملك أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ثم يطوي الأرضين بشماله ثم يقول: أنا الملك أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟» رواه مسلم.
حدثنا عمر بن حفص بن غياث حدثنا أبي حدثنا الأعمشق قال: سمعت إبراهيم يقول: سمعت علقمة يقول قال عبد الله: جاء رجل من أهل الكتاب إلى رسول الله r فقال: يا أبا القاسم إن الله يمسك السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والشجر والثرى على إصبع والخلائق على إصبع ثم يقول: أنا الملك أنا الملك فرأيت النبي r ضحك حتى بدت نواجذه ثم قرأ {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري.
وعن أبي هريرة عن النبي r قال: «يقبض الله تبارك وتعالى الأرض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه ثم يقول: أنا الملك أين ملوك الأرض» رواه البخاري ومسلم.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله r فقال: يا محمد إنا نجد أن الله يجعل السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والشجر على إصبع والماء والثرى على إصبع وسائر الخلائق على إصبع فيقول: أنا الملك. فضحك النبي r حتى بدت نواجذه تصديقًا لقول الحبر ثم قرأ رسول الله r: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} رواه البخاري ومسلم.
وفي مسلم «يمسك السماوات يوم القيامة ... إلخ» وفي مسلم «والجبال والشجر على إصبع وسائر الخلق على إصبع ثم يهزهن فيقول: أنا الملك فضحك رسول الله r تعجبًا مما قال الحبر تصديقًا له ثم قرأ {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}».
وعن عبد الله بن مقسم أنه نظر إلى عبد الله بن عمر كيف يحكي رسول الله r قال: «يأخذ الله عز وجل سماواته وأراضيه بيديه فيقول: أنا الله ويقبض أصابعه ويبسطها أنا الملك حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه حتى إنه لأقول أساقط هو برسول الله r» رواه مسلم.
باب البعث والنشور وصفة الأرض يوم القيامة
عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله r: «يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقيَّ ليس فيها علم لأحد» رواه البخاري ومسلم.
وعن عائشة قالت: سألت رسول الله r عن قوله عز وجل: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ} فأين يكون الناس يومئذ يا رسول الله؟ فقال: «على الصراط» رواه مسلم.
باب الحشر وكيف يحشر الناس
عن عبد الله بن أبي مليكة قال: حدثني القاسم بن محمد بن أبي بكر أن عائشة قالت: قال رسول الله r: «تحشرون حفاةً عراةً غرلاً» قالت عائشة فقلت: يا رسول الله الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض؟ فقال: «الأمر أشد من أن يهمهم ذاك» رواه البخاري ورواه مسلم بلفظ سمعت رسول الله r يقول: «يحشر الناس يوم القيامة حفاةً عراةً غرلاً» قلت: يا رسول الله الرجال والنساء جميعًا ينظر بعضهم إلى بعض؟ قال r: «يا عائشة الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض».
وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس سمع النبي r وهو يقول: «إنكم ملاقوا الله مشاة حفاةً عراةً غرلاً» رواه البخاري ومسلم.
وعن المغيرة بن النعمان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قام فينا النبي r خطيبًا بموعظة فقال: «يا أيها الناس إنكم تحشرون إلى الله حفاةً عراةً غرلاً {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} ألا وإن أول الخلائق يكسي يوم القيامة إبراهيم عليه السلام» رواه البخاري ومسلم.
وعن ثور بن زيد عن أبي الغيث عن أبي هريرة أن رسول الله r قال: «إن العرق يوم القيامة ليذهب في الأرض سبعين باعًا وإنه ليبلغ إلى أفواه الناس أو إلى آذانهم يشك ثور أيهما» هذا لفظ مسلم ولفظ البخاري قال: «يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذارعًا ويلجمهم حتى يبلغ آذانهم».
حدثني سليم بن عامر حدثني المقداد بن الأسود قال: سمعت رسول الله r يقول: «تُدْنى الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل» قال سليم بن عامر فوالله ما أدري ما يعني بالميل؟ أمسافة الأرض أم الميل الذي يكحل به العين؟ قال: «فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق فمنهم من يكون إلى كعبيه ومنهم من يكون إلى ركبتيه ومنهم من يكون إلى حقويه ومنهم من يلجمه العرق إلجامًا. قال: وأشار رسول الله r إلى فيه» رواه مسلم.
باب الحساب وأن من نوقش الحساب هلك
عن ابن أبي مليكة عن عائشة عن النبي r قال: «من نوقش الحساب عذب» قالت: قلت: أليس يقول الله تعالى: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} قال: «ذلك العرض» رواه البخاري ورواه مسلم بلفظ من حوسب يوم القيامة عذب فقلت: أليس قد قال الله عز وجل {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} فقال: «ليس ذاك الحساب إنما ذاك العرض من نوقش الحساب يوم القيامة عذب».
وعن عبد الله بن أبي مُليكة عن القاسم بن محمد عن عائشة أن رسول الله r قال: «ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك» فقلت: يا رسول الله أليس قد قال الله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} فقال رسول الله r: «إنما ذلك العرض وليس أحد يناقش الحساب يوم القيامة إلا عذب» رواه البخاري ورواه مسلم بلفظ: «ليس أحد يحاسب إلا هلك» قلت يا رسول الله أليس الله يقول: {حِسَابًا يَسِيرًا}؟ قال: «ذاك العرض ولكن من نوقش الحساب هلك» وعن عثمان بن الأسود عن ابن أبي مليكة عن عائشة عن النبي r قال: «من نوقش الحساب هلك» رواه مسلم.
باب القصاص يوم القيامة
حدثنا عمر بن حفص حدثنا أبي حدثنا الأعمش حدثني شقيق قال: سمعت عبد الله قال النبي r: «أول ما يقضى بين الناس بالدماء» رواه البخاري ومسلم وعن أبي هريرة أن رسول الله r قال: «من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها فإنه ليس ثم دينار ولا درهم من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته فإن لم يكن له حسنات أُخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه» رواه البخاري.
وعن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله r قال: «أتدرون ما المفلس؟» قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال: «إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيُعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أُخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار» رواه مسلم.
وعن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله r قال: «لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء» رواه مسلم.
وعن أبي المتوكل الناجي أنا أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله r: «يخلص المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا هُذبوا ونقوا أُذن لهم في دخول الجنة فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله كان في الدنيا» رواه البخاري.
باب نزل أهل الجنة
عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله r قال: «تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة يكفؤها الجبار بيده كما يَكْفَؤُ أحدكم خبزته في السفر نزلاً لأهل الجنة» قال: فأتى رجل من اليهود فقال: بارك الرحمن عليك أبا القاسم ألا أخُبرك بنزل أهل الجنة يوم القيامة؟ قال: بلى. قال: تكون الأرض خبزة واحدة – كما قال رسول الله r - قال: فنظر إلينا رسول الله r ثم ضحك حتى بدت نواجذه، قال: ألا أخبرك بإدامهم؟ قال بلى. قال إدامهم (بالامَ ونون) قالوا: وما هذا؟ قال: «ثورونون يأكل من زائدة كبدهما سبعون ألفًا» رواه البخاري ومسلم.
باب طلب الكافر الفداء بملء الأرض ذهبًا
عن أنس بن مالك أن النبي r قال: «يقال للكافر يوم القيامة: أرأيت لو كان لك ملء الأرض ذهبًا أكنت تفتدي به؟ فيقول: نعم فيقال له: قد سُئلت أيسر من ذلك» رواه البخاري ومسلم.
وعن أنس بن مالك عن النبي r قال: «يقول الله لأهون أهل النار عذابًا لو أن لك ما في الأرض من شيء كنت تفتدي به؟ قال: نعم. قال: فقد سألتك ما هو أهون من هذا وأنت في صلب آدم أن لا تشرك بي فأبيت إلا الشرك» رواه البخاري ومسلم.
وعن مسلم: «لو كانت لك الدنيا وما فيها أكنت مفتديًا بها؟».
باب يحشر الكافر على وجهه
عن قتادة حدثنا أنس بن مالك أن رجلاً قال: يا رسول الله كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ قال: «أليس الذي أمشاه على رجليه في الدنيا قادرًا على أن يمشي على وجهه يوم القيامة؟» رواه البخاري ومسلم وفي البخار قال قتادة: بلى وعزة ربي.
باب صبغ أنعم أهل الدنيا في النار وصبغ أشدهم بؤسًا في الجنة
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله r: «يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ في النار صبغة ثم يقال: يا بن آدم هل رأيت خيرًا قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول: لا والله يا رب ويؤتى بأشد الناس بؤسًا في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ صبغة في الجنة فيقال له: يا بن آدم هل رأيت بؤسًا قط؟ هل مر بك شدة قط؟ فيقول لا والله يا رب ما مر بي بؤس قط ولا رأيت شدة قط» رواه مسلم.
باب جزاء المؤمن بحسناته في الدنيا والآخرة وتعجيل حسنات الكافر في الدنيا
عن قتادة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله r: «إن الله لا يظلم مؤمنًا حسنة يعطى بها في الدنيا ويجزى بها في الآخرة. وأما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل بها في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم يكن له حسنة يجزى بها» رواه مسلم.
وعن قتادة عن أنس بن مالك أنه حدَّث عن رسول الله r: «إن الكافر إذا عمل حسنة أطعم بها طعمة من الدنيا وأما المؤمن فإن الله يدخر له حسناته في الآخرة ويعقبه رزقًا في الدنيا على طاعته» رواه مسلم.
باب لن يدخل أحد الجنة بعمله
عن بسر بن سعيد عن أبي هريرة عن رسول الله r أنه قال: «لن يُنْجِيَ أحدًا منكم عَمَلُهُ قال رجل ولا إياك يا رسول الله؟ قال: ولا إياي إلا أن يتغمدني الله برحمة ولكن سددوا» رواه مسلم.
وعن أيوب عن محمد عن أبي هريرة أن النبي r قال: «ما من أحد يدخله عمله الجنة فقيل ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني ربي برحمة».
وعن أبي صالح عن أبي هريرة قال رسول الله r: «قاربوا وسددوا واعلموا أنه لن ينجو أحد منكم بعمله قالوا: يا رسول الله ولا أنت؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل» رواه مسلم.
وعن عائشة زوج النبي r أنها كانت تقول: قال رسول الله r: «سددوا وقاربوا وأبشروا فإنه لن يُدخلَ الجنة أحدًا عمله قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله منه برحمة واعلموا أن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل» رواه البخاري ومسلم وعند البخاري بمغفرة ورحمة.
باب إثبات حوض نبينا r وصفاته
عن أبي حازم قال: سمعت سهلاً يقول: سمعت النبي r يقول: «أنا فرطكم على الحوض من ورد شرب ومن شرب لم يظمأ أبدًا ولَيَردَنَّ عليَّ أقوام أعرفهم ويعرفوني ثم يحال بيني وبينهم».
قال أبو حازم فسمعني النعمان بن أبي عياش وأنا أُحدثهم هذا فقال: هكذا سمعت سهلاً فقلت: نعم. قال: وأنا أشهد على أبي سعيد الخدري لسمعته يزيد فيه قال: «إنهم مني» فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك. فأقول: «سحقًا سحقًا لمن بدل بعدي» رواه البخاري في كتاب الرقاق ومسلم في كتاب الفضائل.
وعن أبي مليكة قال: قالت أسماء بنت أبي بكر قال رسول الله r: «إني على الحوض حتى أنظر من يرد علي منكم وسيؤخذ ناس من دوني فأقول يا رب مني ومن أمتي فيقال: هل شعرت ما عملوا بعدك والله ما برحوا يرجعون على أعقابهم» فكان ابن أبي مليكة يقول: «اللهم إنا نعوذ بك أن نرجع عل أعقابنا أو نفتن عن ديننا» رواه البخاري ومسلم.
وعن ابن أبي مليكة قال: قال عبد الله بن عمرو قال رسول الله r: «حوضي مسيرة شهر ماؤه أبيض من اللبن وريحه أطيب من المسك وكيزانه كنجوم السماء من شرب منه فلا يظمأ بعده أبدًا» رواه البخاري ومسلم.
وعن يونس قال ابن شهاب حدثني أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله r قال: «إن قدر حوضي كما بين إيله وصنعاء من اليمن وفيه من الأباريق كعدد نجوم السماء» رواه البخاري ومسلم.
باب الشفاعة وإخراج الموحدين من النار
عن أبي زُرْعَةَ بن عمرو بن جرير عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أُتي رسول الله r بلحم فرفع إليه الذراع وكانت تعجبه فنهس منها نهسة ثم قال: «أنا سيد الناس يوم القيامة وهل تدرون مم ذلك يَجْمَعُ الله يوم القيامة الأولين والآخرين في صعيد واحد يسمعهم الداعي وينفذهم البصر وتدنو الشمس فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون فيقول الناس ألا ترون ما قد بلغكم ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم فيقول بعض الناس لبعض عليكم بآدم فيأتون آدم عليه السلام فيقولون له أنت أبو البشر خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأمر الملائكة فسجدوا لك، اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه ألا ترى إلى ما قد بلغنا فيقول آدم إن ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وإنه نهاني عن الشجرة فعصيته نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى نوح فيأتيون نوحًا فيقولون يا نوح إنك أنت أول الرسل إلى أهل الأرض وقد سماك الله عبدًا شكورًا اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه فيقول إن ربي عز وجل قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وإنه قد كانت لي دعوة دعوتها على قومي نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى إبراهيم فيأتون إبراهيم فيقولون يا إبراهيم أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول لهم: إن ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وإني قد كذبت ثلاث كذبات فذكرن أبو حيان في الحديث نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى موسى فيأتون موسى فيقولون يا موسى أنت رسول الله فضلك الله برسالاته وبكلامه على الناس اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه فيقول إن ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وإني قد قتلت نفسًا لم أؤمر بقتلها نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى عيسى فيأتون عيسى فيقولون يا عيسى أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وكلَّمت الناس في المهد صبيًا اشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه فيقول عيسى إن ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله ولم يذكر ذنبًا نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى محمد فيأتوني فيقولون يا محمد أنت رسول الله وخاتم الأنبياء وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه. فانطلق فآتي تحت العرش فأقع ساجدًا لربي عز وجل ثم يفتح الله علي من محامده وحسن الثناء عليه شيئًا لم يفتحه على أحد قبلي ثم يقال يا محمد ارفع رأسك سل تعطه واشفع تُشفَّع فأرفع رأسي فأقول أمتي يا رب أمتي يا رب فيقال: يا محمد أدخل من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب ثم قال والذي نفسي بيده إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وحمير أو كما بين مكة وبصرى» رواه البخاري ومسلم غير أن في مسلم: «والذي نفس محمد بيده إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة لكما بين مكة وهجر أو كما بين مكة وبصرى».
حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد حدثنا معبد بن هلال العنزي قال: اجتمعنا ناس من أهل البصرة فذهبنا إلى أنس بن مالك وذهبنا معنا بثابت إليه يسأله لنا عن حديث الشفاعة فإذا هو في قصره فوافقنا يصلي الضحى فاستأذنا فأذن لنا وهو قاعد على فراشه فقلنا لثابت لا تسأله عن شيء أول من حديث الشفاعة فقال: يا أبا حمزة هؤلاء إخوانك من أهل البصرة جاؤك يسألونك عن حديث الشفاعة فقال حدثنا محمد r قال: «إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضهم في بعض فيأتون آدم فيقولون اشفع لنا إلى ربك فيقول لست لها ولكن عليكم بإبراهيم فإنه خليل الرحمن. فيأتون إبراهيم، فيقول: لست لها ولكن عليكم بموسى فإنه كليم الله. فيأتون موسى فيقول: لست لها ولكن عليكم بعيسى فإنه روح الله وكلمته. فيأتون عيسى فيقول: لست لها ولكن عليكم بمحمد r فيأتوني فأقول: أنا لها فأستأذن ربي فيؤذي لي ويلهمني محامدًا أحمد بها لا تحضرني الآن فأحمده بتلك المحامد وأخر له ساجدًا فيقال: يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع لك وسل تعط واشفع تشفع فأقول يا رب أمتي أمتي فيقال إنطلق فأخرج منها من كان في قلبه مثقال شعيرة من إيمان فأنطلق فأفعل ثم أعود فأحمده بتلك المحامد ثم أخر له ساجدًا فيقال يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع وسل تعطه واشفع تشفع فأقول يا رب أمتي أمتي فيقال: انطلق فأخرج منها من كان في قلبه مثقال ذرة أو خردلة من إيمان فأنطلق فأفعل ثم أعود فأحمده بتلك المحامد ثم أخر له ساجدًا فيقال: يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع وسل تعطه واشفع تُشفع فأقول انطلق فأخرج من كان في قلبه أدنى أدنى مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجه من النار فأنطلق فأفعل».
فلما خرجنا من عند أنس قلت لبعض أصحابنا لو مررنا بالحسن وهو متوار في منزل أبي خليفة بما حدثنا أنس بن مالك فأتيناه فسلمنا عليه فأذن لنا فقلنا له يا أبا سعيد جئناك من عند أخيك أنس بن مالك فلم نر مثل ما حدثنا في الشفاعة فقال هيه فحدثناه بالحديث فانتهى إلى هذا الموضع فقال هيه فقلنا لم يزد لنا على هذا فقال: لقد حدثني وهو جميع منذ عشرين سنة فلا أدري أنسي أم كره أن تتكلوا. قلنا يا أبا سعيد فحدثنا فضحك وقال: خلق الإنسان عجولا ما ذكرته إلا وأنا أريد أن أحدكم حدثني كما حدثكم به قال: «ثم أعود الرابعة فأحمده بتلك المحامد ثم أخر له ساجدًا فيقال: يا محمد ارفع رأسك وقل يسع وسل تعطه واشفع تُشفَّع فأقول يا رب إئذن لي فيمن قال لا إله إلا الله فيقول: وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي لأخرجن منها من قال لا إله إلا الله» رواه البخاري ومسلم في مسلم: «ليس ذاك لك» أو قال: «ليس ذاك إليك – ولكن وعزتي وكبريائي وعظمتي وجبريائي لأخرجن من قال لا إله إلا الله».
وعن قتادة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله r: «يجمع الله الناس يوم القيامة فيهتمون لذلك» وقال ابن عبيد فيلهمون لذلك فيقولون لو استشفعنا إلى ربنا حتى يريحنا من مكاننا هذا قال: «فيأتون آدم فيقولون: أنت آدم أبو الخلق خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأمر الملائكة فسجدوا لك. اشفع لنا عند ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا فيقول لست هناكم ويذكر خطيئته التي أصاب فيستحيي ربه منها ولكن ائتوا نوحًا أول رسول بعثه الله قال: فيأتون نوحًا فيقول لست هناكم ويذكر خطيئته التي أصاب فيستحيي ربه منها ولكن ائتوا إبراهيم الذي اتخذه الله خليلاً فيأتون إبراهيم فيقول لست هناكم ويذكر خطيئته التي أصاب فيستحيي ربه منها ولكن ائتوا موسى الذي كلمه الله وأعطاه التوراة. قال: فيأتون موسى فيقول لست هناكم ويذكر خطيئته التي أصاب فيستحيي ربه منها ولكن ائتوا عيسى روح الله وكلمته فيأتون عيسى روح الله وكلمته فيقول لست هناكم ولكن ائتوا محمدًا عبدًا قد غفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر قال: قال رسول الله r فيأتوني فأستأذن على ربي فيؤذن لي فإذا أنا رأيته وقعت ساجدًا فيدعني ما شاء الله عز وجل فيقال: يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع سل تعطه اشفع تشفَّع فأرفع رأسي فأحمد ربي بتحميد يعلمنيه ربي ثم أشفع فيَحُدُّ لي حدًا فأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة ثم أعود فأقع ساجدًا فيدعني ما شاء الله أن يدعني ثم يقال لي ارفع رأسك يا محمد قل يسمع سل تعطه اشفع تشفع فأرفع رأسي فأحمد ربي بتحميد يعلمنيه ثم أشفع فيحد لي حدًا فأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة ثم أرجع فإذا رأيت ربي وقعت ساجدًا فيدعني ما شاء الله أن يدعني ثم يقال: ارفع محمد وقال يسمع وسل تعطه واشفع تشفع فأحمد ربي بمحامد علمنيها ثم اشفع فيحد لي حدًا فأدخلهم الجنة ثم أرجع فإذا رأيت ربي وقعت ساجدًا فيدعني ما شاء الله أن يدعني ثم يقال: ارفع محمد وقل يسمع وسل تعطه واشفع تشفَّع فأحمد ربي بمحامد علمنيها ثم أشفع فيحد لي حدًا فأدخلهم الجنة ثم أرجع فأقول يا رب ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن ووجب عليه الخلود» قال النبي r: «يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيره ثم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن بُرَّه ثم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه ما يزن من الخير ذره» أخرجه البخاري في كتاب التوحيد باب قول الله تعالى لما خلقت بيديّ. وأخرجه مسلم في باب حديث الشفاعة
مقدمة
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى وكما ينبغي لجلال وجهه ولعظيم سلطانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .. وبعد.
فهذه أحاديث جمعتها من الصحيحين فيما يتعلق في الجنة والنار وسميتها «الاعتبار في ذكر الجنة والنار» فما كان من صواب فمن الله وما كان من خطأ فمني ومن الشيطان والله بريء منه ورسوله ونسأل الله أن يقبل العمل ويعفو عن الزلل إنه قريب مجيب سميع الدعاء وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
باب إذا وضع الميت في قبره
عن قتادة حدثنا أنس بن مالك قال: قال نبي الله r: «إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم. قال يأتيه ملكان فيقعدانه فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ قال: فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله. قال: فيقال له: انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعدًا من الجنة. قال نبي الله r فيراهما جميعًا» رواه مسلم.
وعن البراء بن عازب عن النبي r قال: «يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت. قال: نزلت في عذاب القبر يقال له: من ربك؟ فيقول: ربي الله ونبيي محمد r فذلك قوله عز وجل: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ}» رواه مسلم.
وفي البخاري قال: «إذا أقعد المؤمن في قبره أُتي ثم شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله فذلك قوله: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ}».
وعن قتادة عن أنس رضي الله عنه عن النبي r قال: «العبد إذا وضع في قبره وتولى وذهب أصحابه حتى إنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فأقعداه فيقولان له ما كنت تقول في هذا الرجل محمد r فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله فيقال: انظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعدًا من الجنة. قال النبي r فيراهما جميعًا وأما الكافر أو المنافق فيقول لا أدري كنت أقول ما يقول الناس فيقال لا دريت ولا تليت ثم يضرب بمطرقة من حديد ضربة بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين» رواه البخاري.
باب عذاب القبر
وعن قتادة عن أنس أن النبي r قال: «لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر» رواه مسلم.
وعن أبي أيوب قال: خرج رسول الله r بعدما غربت الشمس فسمع صوتًا فقال: «يهود تعذب في قبورها» رواه مسلم.
وعن ابن عباس قال: مر رسول الله r على قبرين فقال: «أما إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة وأما الآخر: فكان لا يستتر من بوله» وفي بعض الألفاظ «لا يستتر من البول» رواه البخاري ومسلم.
وعند البخاري وما يعذبان في كبير وإنه لكبير.
وعن زيد بن ثابت قال: بينما النبي r في حائط لبني النجار على بغلة له ونحن معه إذ حادت به فكادت تلقيه وإذا أقبر ستة أو خمسة أو أربعة فقال: «من يعرف أصحاب هذه الأقبر؟ فقال رجل: أنا. قال: فمتى مات هؤلاء؟ قال: ماتوا في الإشراك. فقال: إن هذه الأمة تبتلى في قبورها فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه ثم أقبل علينا بوجهه فقال: تعوذوا بالله من عذاب النار. قالوا: نعوذ بالله من عذاب النار. فقال: تعوذوا بالله من عذاب القبر. قالوا: نعوذ بالله من عذاب القبر. قال: تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن. قالوا: نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن. قال: تعوذوا بالله من فتنة الدجال. قالوا: نعوذ بالله من فتنة الدجال» رواه مسلم.
باب عرض مقعد الميت عليه من الجنة أو النار
عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله r قال: «إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن أهل النار يقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة» رواه البخاري ومسلم.
وعن سالم عن ابن عمر قال: قال النبي r: «إذا مات الرجل عرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فالجنة وإن كان من أهل النار فالنار قال: ثم يقال: هذا مقعدك الذي تبعث إليه يوم القيامة» رواه مسلم.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله r: «لا يدخل أحد الجنة إلا أُري مقعده من النار لو أساء ليزاد شكرًا ولا يدخل النار أحد إلا أُري مقعده من الجنة لو أحسن ليكون عليه حسرة» رواه البخاري.
باب صفة القيامة
عن أبي هريرة عن رسول الله r قال: «إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة اقرؤوا إن شئتم {فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا}» رواه البخاري ومسلم.
وعن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله r: «يطوي الله عز وجل السماوات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى ثم يقول أنا الملك أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ثم يطوي الأرضين بشماله ثم يقول: أنا الملك أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟» رواه مسلم.
حدثنا عمر بن حفص بن غياث حدثنا أبي حدثنا الأعمشق قال: سمعت إبراهيم يقول: سمعت علقمة يقول قال عبد الله: جاء رجل من أهل الكتاب إلى رسول الله r فقال: يا أبا القاسم إن الله يمسك السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والشجر والثرى على إصبع والخلائق على إصبع ثم يقول: أنا الملك أنا الملك فرأيت النبي r ضحك حتى بدت نواجذه ثم قرأ {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري.
وعن أبي هريرة عن النبي r قال: «يقبض الله تبارك وتعالى الأرض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه ثم يقول: أنا الملك أين ملوك الأرض» رواه البخاري ومسلم.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله r فقال: يا محمد إنا نجد أن الله يجعل السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والشجر على إصبع والماء والثرى على إصبع وسائر الخلائق على إصبع فيقول: أنا الملك. فضحك النبي r حتى بدت نواجذه تصديقًا لقول الحبر ثم قرأ رسول الله r: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} رواه البخاري ومسلم.
وفي مسلم «يمسك السماوات يوم القيامة ... إلخ» وفي مسلم «والجبال والشجر على إصبع وسائر الخلق على إصبع ثم يهزهن فيقول: أنا الملك فضحك رسول الله r تعجبًا مما قال الحبر تصديقًا له ثم قرأ {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}».
وعن عبد الله بن مقسم أنه نظر إلى عبد الله بن عمر كيف يحكي رسول الله r قال: «يأخذ الله عز وجل سماواته وأراضيه بيديه فيقول: أنا الله ويقبض أصابعه ويبسطها أنا الملك حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه حتى إنه لأقول أساقط هو برسول الله r» رواه مسلم.
باب البعث والنشور وصفة الأرض يوم القيامة
عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله r: «يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقيَّ ليس فيها علم لأحد» رواه البخاري ومسلم.
وعن عائشة قالت: سألت رسول الله r عن قوله عز وجل: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ} فأين يكون الناس يومئذ يا رسول الله؟ فقال: «على الصراط» رواه مسلم.
باب الحشر وكيف يحشر الناس
عن عبد الله بن أبي مليكة قال: حدثني القاسم بن محمد بن أبي بكر أن عائشة قالت: قال رسول الله r: «تحشرون حفاةً عراةً غرلاً» قالت عائشة فقلت: يا رسول الله الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض؟ فقال: «الأمر أشد من أن يهمهم ذاك» رواه البخاري ورواه مسلم بلفظ سمعت رسول الله r يقول: «يحشر الناس يوم القيامة حفاةً عراةً غرلاً» قلت: يا رسول الله الرجال والنساء جميعًا ينظر بعضهم إلى بعض؟ قال r: «يا عائشة الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض».
وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس سمع النبي r وهو يقول: «إنكم ملاقوا الله مشاة حفاةً عراةً غرلاً» رواه البخاري ومسلم.
وعن المغيرة بن النعمان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قام فينا النبي r خطيبًا بموعظة فقال: «يا أيها الناس إنكم تحشرون إلى الله حفاةً عراةً غرلاً {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} ألا وإن أول الخلائق يكسي يوم القيامة إبراهيم عليه السلام» رواه البخاري ومسلم.
وعن ثور بن زيد عن أبي الغيث عن أبي هريرة أن رسول الله r قال: «إن العرق يوم القيامة ليذهب في الأرض سبعين باعًا وإنه ليبلغ إلى أفواه الناس أو إلى آذانهم يشك ثور أيهما» هذا لفظ مسلم ولفظ البخاري قال: «يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذارعًا ويلجمهم حتى يبلغ آذانهم».
حدثني سليم بن عامر حدثني المقداد بن الأسود قال: سمعت رسول الله r يقول: «تُدْنى الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل» قال سليم بن عامر فوالله ما أدري ما يعني بالميل؟ أمسافة الأرض أم الميل الذي يكحل به العين؟ قال: «فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق فمنهم من يكون إلى كعبيه ومنهم من يكون إلى ركبتيه ومنهم من يكون إلى حقويه ومنهم من يلجمه العرق إلجامًا. قال: وأشار رسول الله r إلى فيه» رواه مسلم.
باب الحساب وأن من نوقش الحساب هلك
عن ابن أبي مليكة عن عائشة عن النبي r قال: «من نوقش الحساب عذب» قالت: قلت: أليس يقول الله تعالى: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} قال: «ذلك العرض» رواه البخاري ورواه مسلم بلفظ من حوسب يوم القيامة عذب فقلت: أليس قد قال الله عز وجل {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} فقال: «ليس ذاك الحساب إنما ذاك العرض من نوقش الحساب يوم القيامة عذب».
وعن عبد الله بن أبي مُليكة عن القاسم بن محمد عن عائشة أن رسول الله r قال: «ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك» فقلت: يا رسول الله أليس قد قال الله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} فقال رسول الله r: «إنما ذلك العرض وليس أحد يناقش الحساب يوم القيامة إلا عذب» رواه البخاري ورواه مسلم بلفظ: «ليس أحد يحاسب إلا هلك» قلت يا رسول الله أليس الله يقول: {حِسَابًا يَسِيرًا}؟ قال: «ذاك العرض ولكن من نوقش الحساب هلك» وعن عثمان بن الأسود عن ابن أبي مليكة عن عائشة عن النبي r قال: «من نوقش الحساب هلك» رواه مسلم.
باب القصاص يوم القيامة
حدثنا عمر بن حفص حدثنا أبي حدثنا الأعمش حدثني شقيق قال: سمعت عبد الله قال النبي r: «أول ما يقضى بين الناس بالدماء» رواه البخاري ومسلم وعن أبي هريرة أن رسول الله r قال: «من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها فإنه ليس ثم دينار ولا درهم من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته فإن لم يكن له حسنات أُخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه» رواه البخاري.
وعن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله r قال: «أتدرون ما المفلس؟» قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال: «إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيُعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أُخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار» رواه مسلم.
وعن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله r قال: «لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء» رواه مسلم.
وعن أبي المتوكل الناجي أنا أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله r: «يخلص المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا هُذبوا ونقوا أُذن لهم في دخول الجنة فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله كان في الدنيا» رواه البخاري.
باب نزل أهل الجنة
عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله r قال: «تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة يكفؤها الجبار بيده كما يَكْفَؤُ أحدكم خبزته في السفر نزلاً لأهل الجنة» قال: فأتى رجل من اليهود فقال: بارك الرحمن عليك أبا القاسم ألا أخُبرك بنزل أهل الجنة يوم القيامة؟ قال: بلى. قال: تكون الأرض خبزة واحدة – كما قال رسول الله r - قال: فنظر إلينا رسول الله r ثم ضحك حتى بدت نواجذه، قال: ألا أخبرك بإدامهم؟ قال بلى. قال إدامهم (بالامَ ونون) قالوا: وما هذا؟ قال: «ثورونون يأكل من زائدة كبدهما سبعون ألفًا» رواه البخاري ومسلم.
باب طلب الكافر الفداء بملء الأرض ذهبًا
عن أنس بن مالك أن النبي r قال: «يقال للكافر يوم القيامة: أرأيت لو كان لك ملء الأرض ذهبًا أكنت تفتدي به؟ فيقول: نعم فيقال له: قد سُئلت أيسر من ذلك» رواه البخاري ومسلم.
وعن أنس بن مالك عن النبي r قال: «يقول الله لأهون أهل النار عذابًا لو أن لك ما في الأرض من شيء كنت تفتدي به؟ قال: نعم. قال: فقد سألتك ما هو أهون من هذا وأنت في صلب آدم أن لا تشرك بي فأبيت إلا الشرك» رواه البخاري ومسلم.
وعن مسلم: «لو كانت لك الدنيا وما فيها أكنت مفتديًا بها؟».
باب يحشر الكافر على وجهه
عن قتادة حدثنا أنس بن مالك أن رجلاً قال: يا رسول الله كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ قال: «أليس الذي أمشاه على رجليه في الدنيا قادرًا على أن يمشي على وجهه يوم القيامة؟» رواه البخاري ومسلم وفي البخار قال قتادة: بلى وعزة ربي.
باب صبغ أنعم أهل الدنيا في النار وصبغ أشدهم بؤسًا في الجنة
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله r: «يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ في النار صبغة ثم يقال: يا بن آدم هل رأيت خيرًا قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول: لا والله يا رب ويؤتى بأشد الناس بؤسًا في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ صبغة في الجنة فيقال له: يا بن آدم هل رأيت بؤسًا قط؟ هل مر بك شدة قط؟ فيقول لا والله يا رب ما مر بي بؤس قط ولا رأيت شدة قط» رواه مسلم.
باب جزاء المؤمن بحسناته في الدنيا والآخرة وتعجيل حسنات الكافر في الدنيا
عن قتادة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله r: «إن الله لا يظلم مؤمنًا حسنة يعطى بها في الدنيا ويجزى بها في الآخرة. وأما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل بها في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم يكن له حسنة يجزى بها» رواه مسلم.
وعن قتادة عن أنس بن مالك أنه حدَّث عن رسول الله r: «إن الكافر إذا عمل حسنة أطعم بها طعمة من الدنيا وأما المؤمن فإن الله يدخر له حسناته في الآخرة ويعقبه رزقًا في الدنيا على طاعته» رواه مسلم.
باب لن يدخل أحد الجنة بعمله
عن بسر بن سعيد عن أبي هريرة عن رسول الله r أنه قال: «لن يُنْجِيَ أحدًا منكم عَمَلُهُ قال رجل ولا إياك يا رسول الله؟ قال: ولا إياي إلا أن يتغمدني الله برحمة ولكن سددوا» رواه مسلم.
وعن أيوب عن محمد عن أبي هريرة أن النبي r قال: «ما من أحد يدخله عمله الجنة فقيل ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني ربي برحمة».
وعن أبي صالح عن أبي هريرة قال رسول الله r: «قاربوا وسددوا واعلموا أنه لن ينجو أحد منكم بعمله قالوا: يا رسول الله ولا أنت؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل» رواه مسلم.
وعن عائشة زوج النبي r أنها كانت تقول: قال رسول الله r: «سددوا وقاربوا وأبشروا فإنه لن يُدخلَ الجنة أحدًا عمله قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله منه برحمة واعلموا أن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل» رواه البخاري ومسلم وعند البخاري بمغفرة ورحمة.
باب إثبات حوض نبينا r وصفاته
عن أبي حازم قال: سمعت سهلاً يقول: سمعت النبي r يقول: «أنا فرطكم على الحوض من ورد شرب ومن شرب لم يظمأ أبدًا ولَيَردَنَّ عليَّ أقوام أعرفهم ويعرفوني ثم يحال بيني وبينهم».
قال أبو حازم فسمعني النعمان بن أبي عياش وأنا أُحدثهم هذا فقال: هكذا سمعت سهلاً فقلت: نعم. قال: وأنا أشهد على أبي سعيد الخدري لسمعته يزيد فيه قال: «إنهم مني» فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك. فأقول: «سحقًا سحقًا لمن بدل بعدي» رواه البخاري في كتاب الرقاق ومسلم في كتاب الفضائل.
وعن أبي مليكة قال: قالت أسماء بنت أبي بكر قال رسول الله r: «إني على الحوض حتى أنظر من يرد علي منكم وسيؤخذ ناس من دوني فأقول يا رب مني ومن أمتي فيقال: هل شعرت ما عملوا بعدك والله ما برحوا يرجعون على أعقابهم» فكان ابن أبي مليكة يقول: «اللهم إنا نعوذ بك أن نرجع عل أعقابنا أو نفتن عن ديننا» رواه البخاري ومسلم.
وعن ابن أبي مليكة قال: قال عبد الله بن عمرو قال رسول الله r: «حوضي مسيرة شهر ماؤه أبيض من اللبن وريحه أطيب من المسك وكيزانه كنجوم السماء من شرب منه فلا يظمأ بعده أبدًا» رواه البخاري ومسلم.
وعن يونس قال ابن شهاب حدثني أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله r قال: «إن قدر حوضي كما بين إيله وصنعاء من اليمن وفيه من الأباريق كعدد نجوم السماء» رواه البخاري ومسلم.
باب الشفاعة وإخراج الموحدين من النار
عن أبي زُرْعَةَ بن عمرو بن جرير عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أُتي رسول الله r بلحم فرفع إليه الذراع وكانت تعجبه فنهس منها نهسة ثم قال: «أنا سيد الناس يوم القيامة وهل تدرون مم ذلك يَجْمَعُ الله يوم القيامة الأولين والآخرين في صعيد واحد يسمعهم الداعي وينفذهم البصر وتدنو الشمس فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون فيقول الناس ألا ترون ما قد بلغكم ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم فيقول بعض الناس لبعض عليكم بآدم فيأتون آدم عليه السلام فيقولون له أنت أبو البشر خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأمر الملائكة فسجدوا لك، اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه ألا ترى إلى ما قد بلغنا فيقول آدم إن ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وإنه نهاني عن الشجرة فعصيته نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى نوح فيأتيون نوحًا فيقولون يا نوح إنك أنت أول الرسل إلى أهل الأرض وقد سماك الله عبدًا شكورًا اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه فيقول إن ربي عز وجل قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وإنه قد كانت لي دعوة دعوتها على قومي نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى إبراهيم فيأتون إبراهيم فيقولون يا إبراهيم أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول لهم: إن ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وإني قد كذبت ثلاث كذبات فذكرن أبو حيان في الحديث نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى موسى فيأتون موسى فيقولون يا موسى أنت رسول الله فضلك الله برسالاته وبكلامه على الناس اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه فيقول إن ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وإني قد قتلت نفسًا لم أؤمر بقتلها نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى عيسى فيأتون عيسى فيقولون يا عيسى أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وكلَّمت الناس في المهد صبيًا اشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه فيقول عيسى إن ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله ولم يذكر ذنبًا نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى محمد فيأتوني فيقولون يا محمد أنت رسول الله وخاتم الأنبياء وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه. فانطلق فآتي تحت العرش فأقع ساجدًا لربي عز وجل ثم يفتح الله علي من محامده وحسن الثناء عليه شيئًا لم يفتحه على أحد قبلي ثم يقال يا محمد ارفع رأسك سل تعطه واشفع تُشفَّع فأرفع رأسي فأقول أمتي يا رب أمتي يا رب فيقال: يا محمد أدخل من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب ثم قال والذي نفسي بيده إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وحمير أو كما بين مكة وبصرى» رواه البخاري ومسلم غير أن في مسلم: «والذي نفس محمد بيده إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة لكما بين مكة وهجر أو كما بين مكة وبصرى».
حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد حدثنا معبد بن هلال العنزي قال: اجتمعنا ناس من أهل البصرة فذهبنا إلى أنس بن مالك وذهبنا معنا بثابت إليه يسأله لنا عن حديث الشفاعة فإذا هو في قصره فوافقنا يصلي الضحى فاستأذنا فأذن لنا وهو قاعد على فراشه فقلنا لثابت لا تسأله عن شيء أول من حديث الشفاعة فقال: يا أبا حمزة هؤلاء إخوانك من أهل البصرة جاؤك يسألونك عن حديث الشفاعة فقال حدثنا محمد r قال: «إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضهم في بعض فيأتون آدم فيقولون اشفع لنا إلى ربك فيقول لست لها ولكن عليكم بإبراهيم فإنه خليل الرحمن. فيأتون إبراهيم، فيقول: لست لها ولكن عليكم بموسى فإنه كليم الله. فيأتون موسى فيقول: لست لها ولكن عليكم بعيسى فإنه روح الله وكلمته. فيأتون عيسى فيقول: لست لها ولكن عليكم بمحمد r فيأتوني فأقول: أنا لها فأستأذن ربي فيؤذي لي ويلهمني محامدًا أحمد بها لا تحضرني الآن فأحمده بتلك المحامد وأخر له ساجدًا فيقال: يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع لك وسل تعط واشفع تشفع فأقول يا رب أمتي أمتي فيقال إنطلق فأخرج منها من كان في قلبه مثقال شعيرة من إيمان فأنطلق فأفعل ثم أعود فأحمده بتلك المحامد ثم أخر له ساجدًا فيقال يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع وسل تعطه واشفع تشفع فأقول يا رب أمتي أمتي فيقال: انطلق فأخرج منها من كان في قلبه مثقال ذرة أو خردلة من إيمان فأنطلق فأفعل ثم أعود فأحمده بتلك المحامد ثم أخر له ساجدًا فيقال: يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع وسل تعطه واشفع تُشفع فأقول انطلق فأخرج من كان في قلبه أدنى أدنى مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجه من النار فأنطلق فأفعل».
فلما خرجنا من عند أنس قلت لبعض أصحابنا لو مررنا بالحسن وهو متوار في منزل أبي خليفة بما حدثنا أنس بن مالك فأتيناه فسلمنا عليه فأذن لنا فقلنا له يا أبا سعيد جئناك من عند أخيك أنس بن مالك فلم نر مثل ما حدثنا في الشفاعة فقال هيه فحدثناه بالحديث فانتهى إلى هذا الموضع فقال هيه فقلنا لم يزد لنا على هذا فقال: لقد حدثني وهو جميع منذ عشرين سنة فلا أدري أنسي أم كره أن تتكلوا. قلنا يا أبا سعيد فحدثنا فضحك وقال: خلق الإنسان عجولا ما ذكرته إلا وأنا أريد أن أحدكم حدثني كما حدثكم به قال: «ثم أعود الرابعة فأحمده بتلك المحامد ثم أخر له ساجدًا فيقال: يا محمد ارفع رأسك وقل يسع وسل تعطه واشفع تُشفَّع فأقول يا رب إئذن لي فيمن قال لا إله إلا الله فيقول: وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي لأخرجن منها من قال لا إله إلا الله» رواه البخاري ومسلم في مسلم: «ليس ذاك لك» أو قال: «ليس ذاك إليك – ولكن وعزتي وكبريائي وعظمتي وجبريائي لأخرجن من قال لا إله إلا الله».
وعن قتادة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله r: «يجمع الله الناس يوم القيامة فيهتمون لذلك» وقال ابن عبيد فيلهمون لذلك فيقولون لو استشفعنا إلى ربنا حتى يريحنا من مكاننا هذا قال: «فيأتون آدم فيقولون: أنت آدم أبو الخلق خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأمر الملائكة فسجدوا لك. اشفع لنا عند ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا فيقول لست هناكم ويذكر خطيئته التي أصاب فيستحيي ربه منها ولكن ائتوا نوحًا أول رسول بعثه الله قال: فيأتون نوحًا فيقول لست هناكم ويذكر خطيئته التي أصاب فيستحيي ربه منها ولكن ائتوا إبراهيم الذي اتخذه الله خليلاً فيأتون إبراهيم فيقول لست هناكم ويذكر خطيئته التي أصاب فيستحيي ربه منها ولكن ائتوا موسى الذي كلمه الله وأعطاه التوراة. قال: فيأتون موسى فيقول لست هناكم ويذكر خطيئته التي أصاب فيستحيي ربه منها ولكن ائتوا عيسى روح الله وكلمته فيأتون عيسى روح الله وكلمته فيقول لست هناكم ولكن ائتوا محمدًا عبدًا قد غفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر قال: قال رسول الله r فيأتوني فأستأذن على ربي فيؤذن لي فإذا أنا رأيته وقعت ساجدًا فيدعني ما شاء الله عز وجل فيقال: يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع سل تعطه اشفع تشفَّع فأرفع رأسي فأحمد ربي بتحميد يعلمنيه ربي ثم أشفع فيَحُدُّ لي حدًا فأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة ثم أعود فأقع ساجدًا فيدعني ما شاء الله أن يدعني ثم يقال لي ارفع رأسك يا محمد قل يسمع سل تعطه اشفع تشفع فأرفع رأسي فأحمد ربي بتحميد يعلمنيه ثم أشفع فيحد لي حدًا فأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة ثم أرجع فإذا رأيت ربي وقعت ساجدًا فيدعني ما شاء الله أن يدعني ثم يقال: ارفع محمد وقال يسمع وسل تعطه واشفع تشفع فأحمد ربي بمحامد علمنيها ثم اشفع فيحد لي حدًا فأدخلهم الجنة ثم أرجع فإذا رأيت ربي وقعت ساجدًا فيدعني ما شاء الله أن يدعني ثم يقال: ارفع محمد وقل يسمع وسل تعطه واشفع تشفَّع فأحمد ربي بمحامد علمنيها ثم أشفع فيحد لي حدًا فأدخلهم الجنة ثم أرجع فأقول يا رب ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن ووجب عليه الخلود» قال النبي r: «يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيره ثم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن بُرَّه ثم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه ما يزن من الخير ذره» أخرجه البخاري في كتاب التوحيد باب قول الله تعالى لما خلقت بيديّ. وأخرجه مسلم في باب حديث الشفاعة