منتدى سيف الله للإبداع

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد, يشرفنا أن تقوم بالدخول وذلك بالضغط على زر الدخول إن كنت عضوا بالمنتدى.أو التسجيل إن كنت ترغب بالإطلاع على مواضيع المنتدى والمشاركة في أقسام المنتدى فقط إضغط على زر التسجيل و شكرا لك

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى سيف الله للإبداع

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد, يشرفنا أن تقوم بالدخول وذلك بالضغط على زر الدخول إن كنت عضوا بالمنتدى.أو التسجيل إن كنت ترغب بالإطلاع على مواضيع المنتدى والمشاركة في أقسام المنتدى فقط إضغط على زر التسجيل و شكرا لك

منتدى سيف الله للإبداع

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى سيف الله للإبداع

منتدى سيف الله للإبداع


    الأحنف بن قيس رضي الله عنه

    SeIfElLaH
    SeIfElLaH
    مجلس المدراء
    مجلس المدراء


    الأوسمة : الأحنف بن قيس رضي الله عنه 0ea39110
    عدد المساهمات : 4497
    نقاط : 6387
    تاريخ التسجيل : 22/03/2010
    العمر : 47

    الأحنف بن قيس رضي الله عنه Empty الأحنف بن قيس رضي الله عنه

    مُساهمة من طرف SeIfElLaH الإثنين يناير 05, 2015 10:12 pm

    الأحنف بن قيس سيِّد من سادات بني تميم، وداهية من دُهاة العرب، وممَّن يُضرَب به المَثَل في حِلْمه.



    قَدِم الأحنف على عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في أهل البصرة، وأهل الكوفة، فتكلَّموا عندَه في أنفسهم، وما ينوب كل واحد منهم، وتكلَّم الأحنف فقال: يا أمير المؤمنين، إنَّ مفاتيح الخير بيد الله، وقد أتتْك وفود العراق، وإنَّ إخواننا من أهل الكوفة والشام ومصر نزلوا منازلَ الأمم الخالية، والملوك الجبابرة، ومنازل كِسرى وقيصر وبني الأصفر، فهُم من المياه العذبة، والجنان المختلفة في مثل حولاء السَّلَى، وحدقة البعير، تأتيهم ثمارُهم غضَّة لم تحضر، وإنَّا أُنزِلنا أرضًا طرفٌ في فلاة، وطرفٌ في مِلح أُجاج، جانب منها منابت القصب، وجانب سبخة نشاشة، لا يجفُّ ثراها، ولا ينبت مرعاها، يخرج الرجل الضعيف منا يستعذِب الماء من فرسخين، وتخرج المرأة بمثل ذلك ترنق لولدِها ترنيقَ العنز، يُخاف عليه العدوُّ والسَّبُع، فإن لا ترفع خسيستنا، وتنعش ركيستنا، وتجبر فاقتنا، وتَزِد في عيالنا عيالاً، وفي رجالنا رجالاً، وتُصغِّر درهمنا، وتُكبِّر قفيزنا، وتأمر لنا بنهر نستعذب به الماء - هلكْنا، فقال عمر: هذا والله السيِّد، ثم كتب إلى أبي موسى الأشعري أن يحتفرَ لهم نهرًا.



    ووفد الأحنف على معاوية مع أهل العراق، فخرج الآذن فقال: إنَّ أمير المؤمنين يَعزِم عليكم ألاَّ يتكلَّم أحدٌ إلاَّ لنفسه، فلمَّا وصلوا إليه قال الأحنف: لولا عزمةُ أمير المؤمنين لأخبرته أن دافَّةً دَفَّتْ، ونازلةً نَزَلتْ، ونابتةً نَبَتتْ، كلهم بهم حاجة إلى معروف أمير المؤمنين وبرِّه، فقال معاوية: حسبُك يا أبا بحر، فقد كفيتَ الشاهد والغائب.



    قيل للأحنف: ممَّن تعلمتَ الحِلم؟ قال: مِن قيس بن عاصم المنقري، رأيتُه قاعدًا بفناء داره، محتبيًا بحمائل سيفِه، يُحدِّث قومه، حتى أُتي برجل مكتوف، ورجل مقتول، فقيل له: هذا ابنُ أخيك قَتَل ابنَك، فوالله ما حلَّ حُبوتَه، ولا قطع كلامه، ثم التفتَ إلى ابن أخيه، وقال: يا ابنَ أخي، أسأتَ إلى رَحِمك، ورميتَ نفسك بسهمك، وقتلت ابن عمِّك، ثم قال لابنٍ له آخر: قُمْ يا بني، فحلَّ كتاف ابن عمِّك، ووارِ أخاك، وسُقْ إلى أمِّه مائةَ ناقة دية ابنها، فإنها غريبة، ثم أنشأ يقول:إِنِّي امْرُؤٌ لاَ يَطَّبَى حَسَبِي
    دَنَسٌ يُهَجِّنُهُ وَلاَ أَفْنُ
    مِنْ مِنْقَرٍ فِي بَيْتِ مَكْرُمَةٍ
    وَالْغُصْنُ يَنْبُتُ حَوْلَهُ الْغُصْنُ
    خُطَبَاءُ حِينَ يَقُولُ قَائِلُهُمْ
    بِيضُ الْوُجُوهِ مَصَاقِعٌ لُسْنُ
    لاَ يَفْطِنُونُ لِعَيْبِ جَارِهُمُ
    وَهُمُ لِحِفْظِ جِوَارِهِ فُطْنُ




    ♦ ولَمَّا عَزَم معاوية على البيعة ليزيدَ، كتب إلى زياد أن يوجِّه إليه بوفد أهل البصرة والكوفة، فتكلَّمتِ الخطباء في يزيد، والأحنفُ بن قيس ساكتٌ، فلمَّا فرغوا قال معاوية: قل يا أبا بحر، فإنَّ العيون إليك أشرعُ منها إلى غيرك، فقام الأحنف، فحَمِد الله وأثنى عليه، وصلَّى على نبيه - صلَّى الله عليه وسلَّم - ثم قال:

    يا أميرَ المؤمنين، إنَّك أعلمُنا بيزيد في ليله ونهاره، وإعلانه وإسراره، فإن كنتَ تعلمُه لله رِضًا فلا تشاورْ فيه أحدًا، ولا تُقِم له الخطباءَ والشعراء، وإن كنت تعلم بُعدَه من الله فلا تزودْه من الدنيا وترحل أنت إلى الآخرة، فإنَّك تصير إلى ﴿ يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ ﴾ [عبس: 34 - 36]، فكأنَّه أفْرَغ على معاوية ذَنوبَ ماءٍ بارد.



    فقال له: اقعدْ يا أبا بحر، فإنَّ خِيَرة الله تجري، وقضاءَه يمضي، وأحكامه تنفذ، لا مُعقِّب لحُكمه، ولا رادَّ لقضائه، وإنَّ يَزيدَ فتًى بلوناه، ولم نجد في قريش فتًى هو أجدرُ بأن يجتمع عليه منه.



    فقال: يا أمير المؤمنين: أنت تحكي عن شاهِد، ونحن نتكلَّم على غائب، وإذا أراد الله شيئًا كان.



    ♦سأل غيلان بن خرشة الأحنفَ بن قيس: ما بقاءُ ما فيه العرب؟ قال: إذا تقلَّدوا السيوف، وشدُّوا العمائم، وركبوا الخيل، ولم تأخذْهم حمية الأوغاد، قال غيلان: وما حمية الأوغاد؟ قال: أن يَعُدُّوا التواهبَ فيما بينهم ضَيْمًا.



    ♦ قال رجل للأحنف: دُلَّني على حمدٍ بلا مرزئة؟ قال: الخُلق السجيح، والكفُّ عن القبيح، ثم اعلموا أنَّ أدوى الداء اللِّسان البذيء، والخُلق الرديء.



    وقال: مَن ظلم نفسه كان لغيرِه أظلمَ، ومَن هدم دِينه كان لمجدِه أهدم.



    ♦قال رجل في مجلس الأحنف بن قيس: ليس شيءٌ أبغض إليَّ من التَّمْر والزُّبد، فقال الأحنف: رُبَّ ملومٍ لا ذنبَ له.



    يعزل الولاة ويُولِّيهم:

    كان زياد بن أبيه يُقرِّب الأحنف ويُدنيه، فلمَّا مات زياد وولي ابنه عبيدالله لم يرفع به رأسًا، فتأخَّرت عنده منزلتُه، فلما وفد برؤساء العراق على معاوية أدخلهم عليه على مراتبهم عندَه، فكان الأحنف آخِرَ مَن أدخله عليه، فلمَّا رآه معاوية أجلَّه وأعظمه، وأدْناه وأكرمه، وأجلسه معه على الفراش، ثم أقبل عليه يحادثه دونهم، ثم شَرَع الحاضرون في الثناء على ابن زياد، والأحنف ساكت، فقال له معاوية: مالك لا تتكلَّم؟ قال: إن تكلمت خالفتُهم، فقال معاوية: أُشهِدكم أني قد عزلتُه عن العراق، ثم قال لهم: انظروا لكم نائبًا، وأجَّلهم ثلاثة أيام، فاختلفوا بينهم اختلافًا كثيرًا، ولم يذكر أحدٌ منهم بعد ذلك عبيدالله ولا طلبه أحدٌ منهم، ولم يتكلَّم الأحنف في ذلك كلمة واحدة مع أحد منهم.



    فلما اجتمعوا بعدَ ثلاثٍ أفاضوا في ذلك الكلام، وكثر اللغط، وارتفعت الأصوات، والأحنف ساكت، فقال له معاوية: تكلَّم، فقال له: إن كنتَ تريد أن تولِّيَ فيها أحدًا من أهل بيتك، فليس فيهم مَن هو مثل عبيدالله، فإنَّه رجل حازم لا يسدُّ أحد منهم مسدَّه، وإن كنت تريد غيرَه، فأنت أعلم بقرابتك، فردَّه معاوية إلى الولاية، ثم قال له بينه وبينه: كيف جهلتَ مثل الأحنف؟ إنَّه هو الذي عزلَك وولاَّك، وهو ساكت؟! فعظُمت منزلة الأحنف بعد ذلك عند ابن زياد جدًّا.



    ♦ قال الأحنف: خير الإخوان مَن إذا استغنيت عنه لم يزدِك في المودة، وإن احتجتَ إليه لم ينقصك منها، وإن عثرتَ عضدك، وإن احتجت إلى مؤونته رفدك وأنشد:أَخُوكَ الَّذِي إِنْ تَدْعُهُ لِمُلِمَّةٍ
    يُجِبْكَ وَإِنْ تَغَضَبْ إِلَى السَّيْفِ يَغْضَبِ




    ♦ حكى ابنُ أبي عائشة: أنَّ شابًّا كان يجالس الأحنف، ويطيل الصمت، فأَعجب ذلك الأحنف، فخلَتِ الحلقة يومًا، فقال له الأحنف: تكلَّم يا ابن أخي، فقال: يا عمِّ أرأيت لو أنَّ رجلاً سقط من شرف هذا المسجد، هل كان يضرُّه شيء؟ فقال: يا ابن أخي، ليتنا تركناك مستورًا، ثم تمثَّل بقول الأعور الشني[1]:وَكَائِنْ تَرَى مِنْ صَامِتٍ لَكَ مُعْجِبٍ
    زِيَادَتُهُ أَوْ نَقْصُهُ فِي التَّكَلُّمِ
    لِسَانُ الْفَتَى نِصْفٌ وَنِصْفٌ فُؤَادُهُ
    فَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ صُورَةُ اللَّحْمِ وَالدَّمِ




    ♦ قال الأحنف: إنَّ الله جعل أسعدَ عباده، وأرشدَهم لديه، وأحظاهم يوم القيامة - أبذلَهم للمعروف يدًا، وأكثرَهم على الإخوان فضلاً، وأحسنَهم له على ذلك شكرًا.

    ♦ جاء رجلٌ فشتم الأحنف، فسكت عنه، وأعاد فسكت، فقال الرجل: والْهفاه، ما يمنعه من أن يردَّ عليَّ إلا هواني عنده.

    ♦ قال الأحنف: لا صَدِيقَ لملول، ولا وفاءَ لكذوب، ولا راحة لحسود، ولا مروءة لدنيء، ولا زعامة لسيئ الخُلق.

    ♦ قال الأحنف لمعاوية: أخافك إنْ صدقتُك، وأخاف اللهَ إن كذبتُك.

    ♦ قال الأحنف: لقد اختلفْنا إلى قيس بن عاصم في الحِلم كما نختلف إلى الفقهاء في الفِقه.

    وكان يقول: لا مروءةَ لكذوب، ولا سوادَ لبخيل، ولا ورعَ لسيئ الخُلق.

    ♦ وقال الأحنف: رُبَّ رجل لا تغيب فوائده، وإن غاب آخَرُ لا يسلم منه جليسه وإن احترس.

    قال الأحنف بخراسان: يا بني تميم، تحابُّوا تجتمعْ كلمتُكم، وتباذلوا تعتدلْ أموالكم، وابدؤوا بجهاد بطونكم وفُروجكم يصلحْ لكم دينكم، ولا تَغلُّوا يَسلمْ لكم جهادكم.

    ♦ وقال: أسرع الناس إلى الفِتنة أقلُّهم حياءً من الفرار.

    ♦ قال الأحنف: السؤدد مع السواد - يريد أنَّ السيِّد يُعرف في حداثته وسواد رأسه ولحيته.

    ♦ قال الأصمعي: وَفَد الأحنف والمنذر بن الجارود إلى معاوية، فتهيَّأ المنذر، وخرج الأحنف على قَعود وعليه بَتٌّ، فكلَّما مرَّ المنذر قال الناس: هذا الأحنف، فقال المنذر: أراني تزينت لهذا الشيخ.

    ♦ قال رجل للأحنف: بِمَ سدتَ قومك؟ قال: بترْكي من الأمر ما لا يَعنيني، كما عناك من أمري ما لا يَعنيك.

    ♦ وأغلظ رجلٌ للأحنف في الكلام، وقال له: والله يا أحنف، لئن قلتَ لي واحدة لتسمعنَّ بدلها عشرًا، فقال له: إنَّك إن قلت لي عشرًا لا تسمع مني واحدة.

    ♦ كان معاوية يَأْذَن للأحنف أوَّلَ مَن يأذن له، فأذِن له يومًا، ثم أذِن لمحمد بن الأشعث، فأقبل حتى جلس بين معاوية والأحنف، فقال له معاوية: لقد أحسستَ من نفسك ذُلاًّ، إني لم آذَن له قبلك إلاَّ ليكونَ في المجلس دونك، وإنما كما نَملِك أموركم، كذلك نملك تأديبَكم، فأريدوا ما يُراد بكم، فإنه أبقى لنعمتكم، وأحسنُ لأدبكم.

    ♦ قال رجل لأحنف بن قيس: بأيِّ شيءٍ سُدتَ تميمًا، فوالله ما أنت بأجودِهم ولا أشجعهم، ولا أجملهم ولا أشرفهم؟! قال: بخلاف ما أنت فيه؟ قال: وما خلاف ما أنا فيه؟ قال: ترْكي ما لا يَعنيني من أمور الناس، كما عناك من أمري ما لا يعنيك.

    ♦ استعمل عمر بن عبدالعزيز رجلاً، فقيل له: إنَّه حديث السِّنّ، ولا نراه يضبط عملك، فأخذ العهد منه، وقال: ما أراك تضبط عملك لحداثتك، فقال الفتى:وَلَيْسَ يَزِيدُ الْمَرْءَ جَهْلاً وَلاَ عَمًى
    إِذَا كَانَ ذَا عَقْلٍ حَدَاثَةُ سِنِّهِ




    فقال عمر: صَدَق، وردَّ عليه عهده.
    SeIfElLaH
    SeIfElLaH
    مجلس المدراء
    مجلس المدراء


    الأوسمة : الأحنف بن قيس رضي الله عنه 0ea39110
    عدد المساهمات : 4497
    نقاط : 6387
    تاريخ التسجيل : 22/03/2010
    العمر : 47

    الأحنف بن قيس رضي الله عنه Empty رد: الأحنف بن قيس رضي الله عنه

    مُساهمة من طرف SeIfElLaH الإثنين يناير 05, 2015 10:27 pm

    خطبة الأحنف بن قيس

    قال بعد أن حَمِد اللَّه وأثنى على نبيّه‏:‏ يا معشر الأزد وربيعة أنتم إخوانُنا في الدّين وشركاؤنا في الصِّهر وأشِقَّاؤنا في النّسب وجيرانُنا في الدّار ويدُنا على العدُوّ واللَّه لأَزْدُ البصرة أحبُّ إلينا من تميم الكوفة ولأَزْد الكوفة أحبُّ إلينا من تميم الشام فإن استَشْرَى شنآنُكم وأبَى حَسَكُ صُدُوركم ففي أموالنا وسعة أحلامنا لنا ولكم سعَة ومن محاربْ‏:‏ جامعٌ وكان شيخاً صالحاً خطيباً لَسِناً وهو الذي قال للحجاج حين بَنَى مدينةَ واسط‏:‏ بنيتَها في غير بلدك وأورثْتَها غيرَ ولدِك وكذلك مَنْ قَطَعَه العُجْب عن الاستشارة والاستبدادُ عن الاستخارة وشكا الحجاجُ سُوءَ طاعةِ أهل العراق وتَنقُّمَ مذهبَهم وتسخُّطَ طريقتَهم فقال جامع‏:‏ أمَا إنّهم لو أحبُّوك لأطاعوك على أنّهم ماشَنِفوك لنَسبِك ولا لبلدك ولا لذاتِ نَفْسك فدَعْ ما يُبْعِدهمْ منك إلى ما يقرِّبُهم إليك والتمس العافيةَ مِمَّن دونَك تُعْطَها ممَّن فوقك وليكن إيقاعُك بَعْد وعيدِك ووعيدُك بعد وعدك فقال الحجاج‏:‏ إنِّي واللَّه ما أرَى أنْ أردَّ بني اللَّكيعةِ إلى طاعتي إلاّ بالسيف فقال‏:‏ أيُّها الأمير إنّ السَّيفَ إذا لاقَى السّيفَ ذهب الخِيارُ فقال الحجاج‏:‏ الخيار يومئذٍ للَّه فقال‏:‏ أجَلْ ولكن لا تَدْرِي لمن يجعلُه اللَّه فغضب الحجاج فقال‏:‏ يا هَنَاه إنّك من مُحارب فقال جامع‏:‏ من الطويل ولِلحرب سُمِّينا وكُنَّا مُحارباً إذا ما القَنَا أمسى مِنَ الطَّعن أحمرا والبيت للخُضْري فقال الحجَّاج‏:‏ واللَّه لقد هممتُ أن أخلَعَ لسانَك فأضربَ به وجهك قال جامع‏:‏ إنْ صَدَقْناك أغضَبْناك وإن غَشَشناكَ أغضبنا اللَّه فغَضَبُ الأميرِ أهوَن علينا من غضب اللَّه قال‏:‏ أجَلْ وسَكَنَ وشُغِل الحجّاج ببعض الأمر وانسلّ جامعٌ فمرَّ بين صُفُوفِ خيل الشام حتّى جاوزهم إلى خيل أهل العراق وكان الحجَّاج لا يَخْلِطُهم فأبصر كَبْكَبَةً فيها جماعةٌ كثيرة من بَكر العراق وقيس العراق وتميم العراق وأَزْد العراق فلمَّا رأَوْهُ اشرأبُّوا إليه وبلَغَهم خروجُه فقالوا له‏:‏ ما عندك دافَعَ اللَّهُ لنا عن نفسك فقال‏:‏ ويحَكم غُمُّوه بالخَلْع كما يغمُّكم بالعداوة ودعُوا التعاديَ ما عاداكم فإذا ظَفرتم به تراجعتم وتعافَيتم أيُّها التَّميمي هو أعدى لك من الأزديّ وأيُّها القيسيّ هو أعدى لك من التَّغلبِيّ وهل ظَفر بمن ناوأه منكم إلاّ بمن بقي معه منكم وهرب جامعٌ من فوره ذلك إلى الشّام فاستجار بزُفرَ بن الحارث وخطب الحجاج فقال‏:‏ اللهم أرِني الهُدَى هُدىً فأتَّبِعَهُ وأرِني الغَيَّ غَيّاً فأجتنبَه ولا تكِلْني إلى نفسي فأضلَّ ضلالاً بعيداً واللَّه ما أُحِبُّ أن ما مضى من الدُّنيا لي بعمامتي هذه ولَمَا بَقِي منها أشبَهُ بما مضى من الماء بالماء وخطبة له أيضاً الهيثم قال‏:‏ أنبأني ابنُ عَيَّاش عن أبيه قال‏:‏ خرج الحجّاج يوماً من القصر بالكوفة فسمِع تكبيراً في السوق فراعَه ذلك فصعِد المنبر فحمِد اللَّه وأثنى عليه وصلّى على نبيّه ثم قال‏:‏ يا أهل العراق يا أهل الشِّقاق والنِّفاق ومساوِئ الأخلاق وَبني اللّكيعة وعبيدَ العصا وأولادَ الإماء والفَقْعِ بالقَرْقرِ إنّي سمِعتُ تكبيراً لا يُرَاد به اللّه وإنما يُراد به الشّيطان وإنَّما مََثَلي ومَثلكم ما قال عَمرو بن بَرَّاقة الهَمْدَانيّ‏:‏ من الطويل مَتى تجمَع القلبَ الذكيَّ وصارماً وأنْفاً حميّاً تجتنِبْك المظالمُ أمَا واللَّه لا تَقرَعُ عصاً عَصاً إلاّ جعلتُها كأمْس الدّابر
    SeIfElLaH
    SeIfElLaH
    مجلس المدراء
    مجلس المدراء


    الأوسمة : الأحنف بن قيس رضي الله عنه 0ea39110
    عدد المساهمات : 4497
    نقاط : 6387
    تاريخ التسجيل : 22/03/2010
    العمر : 47

    الأحنف بن قيس رضي الله عنه Empty رد: الأحنف بن قيس رضي الله عنه

    مُساهمة من طرف SeIfElLaH الإثنين يناير 05, 2015 10:30 pm

    الأحنف بن قيس ( ع )

    ابن معاوية بن حصين ، الأمير الكبير ، العالم النبيل أبو بحر التميمي ، أحد من يضرب بحلمه وسؤدده المثل .

    [ ص: 87 ] اسمه ضحاك ، وقيل : صخر ، وشهر بالأحنف لحنف رجليه ، وهو العوج والميل ، كان سيد تميم ، أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، ووفد على عمر .

    حدث عن عمر ، وعلي ، وأبي ذر ، والعباس ، وابن مسعود ، وعثمان بن عفان وعدة .

    وعنه : عمرو بن جاوان ، والحسن البصري ، وعروة بن الزبير ، وطلق بن حبيب وعبد الله بن عميرة ، ويزيد بن الشخير ، وخليد العصري ، وآخرون . وهو قليل الرواية .

    كان من قواد جيش علي يوم صفين .

    قال ابن سعد كان ثقة مأمونا ، قليل الحديث وكان صديقا لمصعب بن الزبير ، فوفد عليه إلى الكوفة ، فمات عنده بالكوفة .

    قال سليمان بن أبي شيخ : كان أحنف الرجلين جميعا ، ولم يكن له إلا بيضة واحدة ، واسمه صخر بن قيس أحد بني سعد . وأمه باهلية ، فكانت ترقصه وتقول :



    والله لولا حنف برجله وقلة أخافها من نسله


    ما كان في فتيانكم من مثله
    قال أبو أحمد الحاكم : هو افتتح مرو الروذ . وكان الحسن وابن سيرين في جيشه ذاك .

    قلت : هذا فيه نظر ; هما يصغران عن ذلك .

    [ ص: 88 ] حماد بن سلمة : عن علي بن زيد ، عن الحسن ، عن الأحنف بن قيس ، قال : بينا أنا أطوف بالبيت في زمن عثمان إذ لقيني رجل من بني ليث ، فأخذ بيدي ، فقال : ألا أبشرك؟ قلت : بلى . قال : أما تذكر إذ بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى قومك بني سعد أدعوهم إلى الإسلام ، فجعلت أخبرهم ، وأعرض عليهم ، فقلت : إنه يدعو إلى خير وما أسمع إلا حسنا؟ فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : اللهم اغفر للأحنف فكان الأحنف يقول : فما شيء أرجى عندي من ذلك . رواه أحمد في " مسنده " .

    العلاء بن الفضل المنقري : حدثنا العلاء بن جرير ، حدثني عمر بن مصعب بن الزبير عن عمه عروة ، حدثني الأحنف ، أنه قدم على عمر بفتح تستر فقال : قد فتح الله عليكم تستر وهي من أرض البصرة . فقال رجل من المهاجرين : يا أمير المؤمنين ، إن هذا - يعني الأحنف - الذي كف عنا بني مرة حين بعثنا رسول الله في صدقاتهم ، وقد كانوا هموا بنا . قال الأحنف : فحبسني عمر عنده سنة يأتيني في كل يوم وليلة ، فلا يأتيه عني إلا ما يحب ، ثم دعاني فقال : يا أحنف هل تدري لم حبستك عندي؟ قلت : لا يا أمير المؤمنين . قال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حذرنا كل منافق عليم فخشيت أن تكون منهم ، فاحمد الله يا أحنف .

    حماد : عن ابن جدعان ، عن الحسن ، عن الأحنف ، قال : احتبسني [ ص: 89 ] عمر عنده حولا ، وقال بلوتك وخبرتك فرأيت علانيتك حسنة ، وأنا أرجو أن تكون سريرتك مثل علانيتك ، وإنا كنا نتحدث ، إنما يهلك هذه الأمة كل منافق عليم .

    قال العجلي : الأحنف بصري ثقة ، كان سيد قومه ، وكان أعور أحنف ، دميما قصيرا كوسجا له بيضة واحدة ، حبسه عمر سنة يختبره فقال : هذا والله السيد .

    معمر : عن قتادة ، قال : قدم الأحنف فخطب فأعجب عمر منطقه ، قال : كنت أخشى أن تكون منافقا عالما ، فانحدر إلى مصرك ; فإني أرجو أن تكون مؤمنا .

    وعن الأحنف قال : كذبت مرة واحدة ، سألني عمر عن ثوب : بكم أخذته ، فأسقطت ثلثي الثمن .

    يونس بن بكير : حدثنا السري بن إسماعيل ، عن الشعبي قال : وفد أبو موسى وفدا من البصرة إلى عمر ، منهم الأحنف بن قيس ، فتكلم كل رجل في خاصة نفسه ، وكان الأحنف في آخر القوم ، فحمد الله ، وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد يا أمير المؤمنين ، فإن أهل مصر نزلوا منازل فرعون وأصحابه ، وإن أهل الشام نزلوا منازل قيصر وأصحابه ، وإن أهل الكوفة نزلوا منازل كسرى ومصانعه في الأنهار والجنان ، وفي مثل عين البعير وكالحوار في السلى تأتيهم ثمارهم قبل أن تبلغ ، وإن أهل البصرة نزلوا في أرض سبخة ، زعقة ، [ ص: 90 ] نشاشة لا يجف ترابها ، ولا ينبت مرعاها ، طرفها في بحر أجاج ، وطرف في فلاة ، لا يأتينا شيء إلا في مثل مريء النعامة ، فارفع خسيستنا وانعش وكيستنا ، وزد في عيالنا عيالا ، وفي رجالنا رجالا ، وصغر درهمنا ، وكبر قفيزنا ، ومر لنا بنهر نستعذب منه . فقال عمر : عجزتم أن تكونوا مثل هذا ، هذا والله السيد . قال فما زلت أسمعها بعد . وفي رواية : في مثل حلقوم النعامة .

    قال خليفة : توجه ابن عامر إلى خراسان ، وعلى مقدمته الأحنف ، فلقي أهل هراة فهزمهم ، فافتتح ابن عامر أبرشهر صلحا - ويقال عنوة - وبعث الأحنف في أربعة آلاف ، فتجمعوا له مع طوقان شاه فاقتتلوا قتالا شديدا ، فهزم الله المشركين .

    قال ابن سيرين : كان الأحنف يحمل ، ويقول :



    إن على كل رئيس حقا أن يخضب القناة أو تندقا
    [ ص: 91 ] وقيل : سار الأحنف إلى بلخ ، فصالحوه على أربع مائة ألف ، ثم أتى خوارزم ، فلم يطقها ، فرجع .

    وعن ابن إسحاق ، أن ابن عامر خرج من خراسان معتمرا قد أحرم منها ، وخلف على خراسان الأحنف ، وجمع أهل خراسان جمعا كبيرا ، وتجمعوا بمرو ، فالتقاهم الأحنف فهزمهم ، وكان ذلك الجمع لم يسمع بمثله .

    ابن علية : عن أيوب ، عن محمد قال : نبئت أن عمر ذكر بني تميم فذمهم ، فقام الأحنف فقال : يا أمير المؤمنين ائذن لي ، قال : تكلم . قال : إنك ذكرت بني تميم ، فعممتهم بالذم ; وإنما هم من الناس ، فيهم الصالح والطالح . فقال : صدقت . فقام الحتات - وكان يناوئه - فقال : يا أمير المؤمنين ائذن لي فلأتكلم ، قال : اجلس ، فقد كفاكم سيدكم الأحنف .

    روى ابن جدعان ، عن الحسن ، أن عمر كتب إلى أبي موسى : ائذن للأحنف بن قيس وشاوره واسمع منه .

    قتادة عن الحسن قال : ما رأيت شريف قوم كان أفضل من الأحنف .

    قال ابن المبارك : قيل للأحنف : بم سودوك؟ قال : لو عاب الناس الماء لم أشربه .

    وقيل : عاشت بنو تميم بحلم الأحنف أربعين سنة . وفيه قال الشاعر :



    إذا الأبصار أبصرت ابن قيس ظللن مهابة منه خشوعا
    وقال خالد بن صفوان : كان الأحنف يفر من الشرف ، والشرف يتبعه .

    وقيل للأحنف : إنك كبير ، والصوم يضعفك . قال : إني أعده لسفر طويل . وقيل : كانت عامة صلاة الأحنف بالليل ، وكان يضع أصبعه على [ ص: 92 ] المصباح ، ثم يقول : حس ويقول : ما حملك يا أحنف على أن صنعت كذا يوم كذا .

    مسلم بن إبراهيم : حدثنا أبو كعب صاحب الحرير ، حدثنا أبو الأصفر أن الأحنف استعمل على خراسان ، فأجنب في ليلة باردة ، فلم يوقظ غلمانه وكسر ثلجا واغتسل .

    وقال عبد الله بن بكر المزني عن مروان الأصفر ، سمع الأحنف يقول : اللهم إن تغفر لي ، فأنت أهل ذاك ، وإن تعذبني فأنا أهل ذاك .

    قال مغيرة : ذهبت عين الأحنف فقال : ذهبت من أربعين سنة ما شكوتها إلى أحد .

    ابن عون : عن الحسن قال : ذكروا عند معاوية شيئا ، فتكلموا والأحنف ساكت ، فقال : يا أبا بحر ، ما لك لا تتكلم؟ قال : أخشى الله إن كذبت ، وأخشاكم إن صدقت .

    وعن الأحنف : عجبت لمن يجري في مجرى البول مرتين كيف يتكبر ! قال سليمان التيمي ، قال الأحنف : ثلاث في ما أذكرهن إلا لمعتبر : ما أتيت باب السلطان إلا أن أدعى ، ولا دخلت بين اثنين حتى يدخلاني بينهما ، وما أذكر أحدا بعد أن يقوم من عندي إلا بخير .

    وعنه : ما نازعني أحد إلا أخذت أمري بأمور ، إن كان فوقي ، عرفت له ، وإن كان دوني رفعت قدري عنه ، وإن كان مثلي ، تفضلت عليه .

    وعنه ، قال : لست بحليم ولكني أتحالم .

    [ ص: 93 ] وقيل : إن رجلا خاصم الأحنف ، وقال : لئن قلت واحدة لتسمعن عشرا . فقال : لكنك إن قلت عشرا لم تسمع واحدة .

    وقيل : إن رجلا قال للأحنف : بم سدت؟ وأراد أن يعيبه - قال الأحنف : بتركي من ما لا يعنيني كما عناك من أمري ما لا يعنيك .

    الأصمعي : عن معتمر بن حيان ، عن هشام بن عقبة أخي ذي الرمة ، قال : شهدت الأحنف بن قيس وقد جاء إلى قوم في دم ، فتكلم فيه ، وقال : احتكموا . قالوا : نحتكم ديتين قال : ذاك لكم . فلما سكتوا قال : أنا أعطيكم ما سألتم ، فاسمعوا : إن الله قضى بدية واحدة ، وإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى بدية واحدة ، وإن العرب تعاطى بينها دية واحدة ، وأنتم اليوم تطالبون ، وأخشى أن تكونوا غدا مطلوبين ، فلا ترضى الناس منكم إلا بمثل ما سننتم ، قالوا : ردها إلى دية .

    عن الأحنف : ثلاثة لا ينتصفون من ثلاثة : شريف من دنيء ، وبر من فاجر ، وحليم من أحمق .

    وقال : من أسرع إلى الناس بما يكرهون ، قالوا فيه ما لا يعلمون .

    وعنه وسئل : ما المروءة؟ قال : كتمان السر ، والبعد من الشر .

    وعنه : الكامل من عدت سقطاته .

    وعنه قال : رأس الأدب آلة المنطق ، لا خير في قول بلا فعل ، ولا في منظر بلا مخبر ، ولا في مال بلا جود ، ولا في صديق بلا وفاء ، ولا في فقه بلا ورع ، ولا في صدقة إلا بنية ، ولا في حياة إلا بصحة وأمن .

    [ ص: 94 ] وعنه : العتاب مفتاح الثقالى ، والعتاب خير من الحقد .

    هشام : عن الحسن ، قال : رأى الأحنف في يد رجل درهما ، فقال : لمن هذا؟ قال : لي : قال : ليس هو لك حتى تخرجه في أجر أو اكتساب شكر ، وتمثل :



    أنت للمال إذا أمسكته وإذا أنفقته فالمال لك
    وقيل : كان الأحنف إذا أتاه رجل وسع له ; فإن لم يكن له سعة أراه كأنه يوسع له .

    وعنه قال : جنبوا مجالسنا ذكر النساء والطعام ; إني أبغض الرجل يكون وصافا لفرجه وبطنه .

    وقيل : إنه كلم مصعبا في محبوسين وقال : أصلح الله الأمير ، إن كانوا حبسوا في باطل ، فالعدل يسعهم ، وإن كانوا حبسوا في حق ، فالعفو يسعهم .

    وعنه ، قال : لا ينبغي للأمير الغضب ; لأن الغضب في القدرة لقاح السيف والندامة .

    الأصمعي ، قال : عبد الملك بن عمير ، قال : قدم علينا الأحنف الكوفة مع مصعب ، فما رأيت صفة تذم إلا رأيتها فيه ، كان ضئيلا ، صعل الرأس ، متراكب الأسنان ، مائل الذقن ، ناتئ الوجنة ، باخق العين ، خفيف العارضين ، أحنف الرجلين ، فكان إذا تكلم ، جلا عن نفسه .

    الصعل : صغر الرأس ، والبخق : انخساف العين ، والحنف : أن تفتل كل رجل على صاحبتها .

    [ ص: 95 ] وقيل : كان ملتصق الألية ، فشق له . وقال ابن الأعرابي : الأحنف الذي يمشي على ظهر قدمه .

    علي بن عاصم : عن خالد الحذاء ، عن ابن سيرين ، عن الأحنف ، قال : سمعت خطبة أبي بكر وعمر والخلفاء ، فما سمعت الكلام من مخلوق أفخم ولا أحسن من أم المؤمنين عائشة .

    وعنه : لا يتم أمر السلطان إلا بالوزراء والأعوان ، ولا ينفع الوزراء والأعوان إلا بالمودة والنصيحة ، ولا تنفع المودة والنصيحة إلا بالرأي والعفة .

    قيل : كان زياد معظما للأحنف ، فلما ولي بعده ابنه عبيد الله تغير أمر الأحنف ، وقدم عليه من هو دونه ، ثم وفد على معاوية في الأشراف فقال لعبيد الله : أدخلهم علي على قدر مراتبهم . فأخر الأحنف ، فلما رآه معاوية أكرمه لمكان سيادته ، وقال : إلي يا أبا بحر ، وأجلسه معه وأعرض عنهم ، فأخذوا في شكر عبيد الله بن زياد ، وسكت الأحنف . فقال له : لم لا تتكلم؟ قال : إن تكلمت خالفتهم . قال : اشهدوا أني قد عزلت عبيد الله . فلما خرجوا كان فيهم من يروم الإمارة . ثم أتوا معاوية بعد ثلاث ، وذكر كل واحد شخصا ، وتنازعوا ، فقال معاوية : ما تقول يا أبا بحر ؟ قال : إن وليت أحدا من أهل بيتك لم تجد مثل عبيد الله . فقال : قد أعدته . قال : فخلا معاوية بعبيد الله وقال : كيف ضيعت مثل هذا الرجل الذي عزلك وأعادك وهو ساكت !؟ فلما رجع عبيد الله جعل الأحنف صاحب سره .

    عبد الرحمن بن القاسم المصري الفقيه ، عن أبي شريح المعافري ، عن عبد الرحمن بن عمارة بن عقبة ، قال : حضرت جنازة الأحنف بالكوفة ، [ ص: 96 ] فكنت فيمن نزل قبره ، فلما سويته ، رأيته قد فسح له مد بصري ، فأخبرت بذلك أصحابي ، فلم يروا ما رأيت .

    قال أبو عمرو بن العلاء : توفي الأحنف في دار عبيد الله بن أبي غضنفر ، فلما دلي في حفرته ، أقبلت بنت لأوس السعدي وهي على راحلتها عجوز ، فوقفت عليه وقالت : من الموافى به حفرته لوقت حمامه؟ قيل لها : الأحنف بن قيس . قالت : والله لئن كنتم سبقتمونا إلى الاستمتاع به في حياته لا تسبقونا إلى الثناء عليه بعد وفاته . ثم قالت : لله درك من مجن في جنن ، ومدرج في كفن ، وإنا لله وإنا إليه راجعون : نسأل من ابتلانا بموتك ، وفجعنا بفقدك أن يوسع لك في قبرك ، وأن يغفر لك يوم حشرك ، أيها الناس ، إن أولياء الله في بلاده هم شهوده على عباده ، وإنا لقائلون حقا ، ومثنون صدقا ، وهو أهل لحسن الثناء ، أما والذي كنت من أجله في عدة ، ومن الحياة في مدة ، ومن المضمار إلى غاية ، ومن الآثار إلى نهاية ، الذي رفع عملك عند انقضاء أجلك ، لقد عشت مودودا حميدا ، ومت سعيدا فقيدا ، ولقد كنت عظيم الحلم ، فاضل السلم ، رفيع العماد ، واري الزناد ، منيع الحريم ، سليم الأديم ، عظيم الرماد ، قريب البيت من الناد .


    قال قرة بن خالد : حدثنا أبو الضحاك أنه أبصر مصعبا يمشي في جنازة الأحنف بغير رداء .

    قال الفسوي : مات الأحنف سنة سبع وستين . وقال غيره : توفي سنة إحدى وسبعين . وقال جماعة : مات في إمرة مصعب بن الزبير على العراق رحمه الله .

    [ ص: 97 ] قلت : قد استقصى الحافظ ابن عساكر ترجمة الأحنف في كراريس .

    وطولتها - أنا - في تاريخ الإسلام . رحمه الله تعالى .

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد أبريل 28, 2024 6:54 pm