منتدى سيف الله للإبداع

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد, يشرفنا أن تقوم بالدخول وذلك بالضغط على زر الدخول إن كنت عضوا بالمنتدى.أو التسجيل إن كنت ترغب بالإطلاع على مواضيع المنتدى والمشاركة في أقسام المنتدى فقط إضغط على زر التسجيل و شكرا لك

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى سيف الله للإبداع

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد, يشرفنا أن تقوم بالدخول وذلك بالضغط على زر الدخول إن كنت عضوا بالمنتدى.أو التسجيل إن كنت ترغب بالإطلاع على مواضيع المنتدى والمشاركة في أقسام المنتدى فقط إضغط على زر التسجيل و شكرا لك

منتدى سيف الله للإبداع

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى سيف الله للإبداع

منتدى سيف الله للإبداع


    يمين الدولة السلطان المجاهد محمود بن سبكتكين - فاتح الهند ومحطم الأصنام

    SeIfElLaH
    SeIfElLaH
    مجلس المدراء
    مجلس المدراء


    الأوسمة : يمين الدولة السلطان المجاهد محمود بن سبكتكين - فاتح الهند ومحطم الأصنام 0ea39110
    عدد المساهمات : 4497
    نقاط : 6387
    تاريخ التسجيل : 22/03/2010
    العمر : 47

    يمين الدولة السلطان المجاهد محمود بن سبكتكين - فاتح الهند ومحطم الأصنام Empty يمين الدولة السلطان المجاهد محمود بن سبكتكين - فاتح الهند ومحطم الأصنام

    مُساهمة من طرف SeIfElLaH الإثنين يناير 05, 2015 10:03 pm


    يمين الدولة السلطان المجاهد محمود بن سبكتكين - فاتح الهند ومحطم الأصنام


    مقدمة


    مفكرة الإسلام : لقد ظلت شخصية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه مضربا للأمثال في كل باب في العدل والحق والقوة والورع والجهاد والزهد والخوف واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان له من المواقف المشهورة والأثار المحمودة ما جعلت العالم بأسره يعترف بفضله وأثره في البشرية وقتها، حتى أن 'مايكل هارت' صاحب كتاب 'العظماء مائه' قد وضعه ضمن هؤلاء العظماء.





    وظن المسلمون أن هذه الشخصية لن تتكرر مرة أخرى عبر التاريخ، والحق أننا لن نجد في التاريخ شخصية تتطابق مع الفاروق عمر رضى الله عنه، ولكننا سوف نجد في أحداث التاريخ بعض أبطال المسلمين الذين تشبهوا بالفاروق عمر في كثير من مواقفه، وبطلنا هنا هو أكثر القادة المسلمين على مر العصور تشبها واقتداءا بالفاروق عمر حتى كأنه هو، ومع الأسف لا يعرفه معظم المسلمين رغم أنه قد أضاف لبلاد المسلمين واحدة من أغلى أراضيهم ألا وهى 'أفغانستان'، وقهر أعدى أعداء المسلمين وهم الهندوس.





    الدولة السبكتكينية والخلافة العباسية


    مرت الخلافة العباسية بعدة أطوار فبدأت قوية ثم ازدادت قوة واتساعا ثم بدأ الضعف يدب في أوصالها عندما اقتتل الأخوان 'المأمون' و'الأمين' على الخلافة ثم دخلت مرحلة الضعف وتحكم الغير فيها، وفي هذه المرحلة بدأ ولاة الأقاليم البعيدة يستقلون بحكم تلك الأقاليم وينشؤون ممالك مستقلة تأخذ شكل الحكم الذاتي حيث تكون مستقلة في كل شيء ولكن ولاءها المعنوي والروحي للخلافة العباسية، وقامت العديد من الدول في الشرق والغرب تحت هذا الإطار.


    ففي الشرق مثلا ظهرت الدولة الطاهرية والدولة السامانية والدولة البويهية، وفي الغرب ظهرت الدولة الطولونية والإخشدية ودولة الأغالبة وهكذا.


    بعض هذه الدول كان له أثر حسن في خدمة الإسلام ونشر الدين مثل الطولونية والأغالبة وبعضها كان له أسوأ الأثر على الإسلام والمسلمين مثل الدولة البويهية الشيعية.


    من هذه الدول التي استقلت ذاتيا عن حكم العباسيين مع الولاء لخليفتهم الدولة السبكتكينية ومؤسسها هو 'سبكتكين' وهو أمير تركي كان يعمل في خدمة والي مدينة 'هراة' وكانت هذه المدينة تتبع حكم 'الدولة السامانية' فلما توفي الوالي لم يجدوا بعد تعيين عدة ولاة أكفأ من الأمير 'سبكتكين' فأصبح واليا عليها وأخذ في توسيع دائرة نفوذه حتى صار واليا على 'إقليم خراسان' كله سنة 366 هجرية وقام 'سبكتكين' بمحاربة الخارجين على الدولة السامانية وتصدى عدة مرات لمحاولات الدولة البويهية للقضاء على السامانين، وظل سبكتكين طوال حياته فى جهاد مستمر ضد الخارجين وكفار الهند الذين شعروا بخطورة مثل هذا الرجل على نفوذهم بأفغانستان وشمال الهند، وفي هذا الجو الجهادي ولد بطلنا 'محمود بن سبكتكين'.





    من هو محمود؟


    هو الملك الكبير والمجاهد الغازي والمرابط وأول من تلقب بالسلطان أبو القاسم 'محمود بن سبكتكين' المكنى بيمين الدولة، ولد في المحرم سنة 360 هجرية في مدينة 'غزنة' وتقع الآن في أفغانستان وكان أكبر أبناء أبيه 'سبكتكين' فنشأ وتربى تربية القادة الأبطال واشترك منذ حداثته في محاربة أعداء الإسلام من الهنود والبويهيين، وكان له أثر كبير في معركة 'نيسابور' التي انتصر فيها 'سبكتكين' وولده محمود على البويهيين، فكافأه 'نوح بن منصور السامانى' بأن جعله واليا على 'نيسابور' وذلك كله وهو في مقتبل الشباب.


    توفي الأمير 'سبكتكين' سنة 388 هجرية بعدما أنشأ دولة كبيرة وقوية وراسخة تشمل إقليم 'خراسان' كله وإقليم 'سجتان' حتى 'كابل'، وتولى الأمر من بعده البطل المجاهد 'محمود' بعد منازعة قصيرة مع أخيه 'محمد' الذي كان لا يصلح للرئاسة ولا للمهام الجسيمة التي وكلت لبطلنا 'محمود'.



    أوضاع العالم الإسلامي


    لم يكد الأمر يستقر لمحمود بن سبكتكين فى حكم الدولة السبكتكينية حتى رأى أن أوضاع العالم الاسلامى شديدة الاضطراب على المستوى الداخلي حيث تفرقت دولة الخلاقة وتمزقت أوصالها لأشلاء مبعثرة في شكل دولة هنا وهناك، ومعظم هذه الدول قد أصبح نكبة ووبالا على الاسلام، وتقاتلوا فيما بينهم على الملك والأرض والدنيا الفانية، وأصبح الخليفة لا حول له ولا قوة ألعوبة فى يد قادة الجيش والمتغلبين من ولاة الأقاليم، وانفصل الجزء الشرقي بأكمله 'مصر والمغرب العربى' إضافة للشام والحجاز واليمن وأصبح تابعا للدولة السرطانية الرافضية الملقبة زورا بالفاطمية، وأصبحت عقيدة الرفض هي الغالبة على المستوى


    الرسمي لكثير من ولاة الأقاليم وانتشر التشيع بسبب 'البويهيين' الشيعة المتحكمين في الخلافة العباسية، وواكب ذلك ضعف الدولة السامانية وانتشار الفساد فيها ولم تصبح قادرة على القيام بدورها المنوط بها .


    أما على المستوى الخارجي فلقد كان أمراء الهند خاصة شمالها يتربصون بالمسلمين الدوائر خاصة بعد أن حقق المسلمون عدة إنتصارات باهرة عليهم واستولوا على بلاد 'الأفغان' و'الخلج' منهم وبدأ أمراء الشمال في التجمع مرة أخرى لمنع تقدم المسلمين نحو كشمير، وكان هناك خطر من نوع آخر وهم كفار الترك أو الأتراك الغزية الذين كانوا يعيثون في الأرض فسادا ويعتمدون على السلب والنهب لخيرات المسلمين.


    لذلك كان على 'محمود' التحرك على الصعيدين الداخلي والخارجي في سبيل خدمة


    الإسلام ونصرة الدين في هذه الفترة العصيبة من حياة الأمة، وبالفعل أثبت 'محمود' أنه رجل الساعة.





    أعمال محمود على المستوى الداخلي




    أولا: القضاء على الدولة البويهية




    كانت الدولة البويهية ذات هوى وميول رافضية، كما أنها كانت دولة ذات جذور فارسية ظهرت في أوائل القرن الرابع الهجري في شرق الهضبة الإيرانية التي كانت تعد المرتع الخصب للعقائد الضالة والأفكار الفاسدة، وتطورت هذه الدولة مستغلة ضعف الخلافة العباسية وتحكم القادة الأتراك فيها حتى قويت شوكتها وصارت القوة المتحكمة في أمور الخلافة ببغداد، وكانت هذه الدولة من عوامل التفرق والخذلان في الكيان الإسلامى كله، وزاد خطرها بشدة بعدما قامت الدولة الرافضية العبيدية باحتلال مصر وإنشاء الخلافة الفاطمية فيها سنة362هجرية، وأصبح الإسلام والخلافة بين فكي الأفعى الشيعية في الشرق والغرب بل عزم كبيرهم وهو 'أحمد بن بويه' الملقب بمعز الدولة على إزالة اسم الخلافة من بني العباس ويوليها علويا من الشيعة، لذلك أسرع 'محمود بن سبكتكين' بالقضاء على هذه الدولة البويهية المنحرفة وكانت مدينة 'أصفهان' عاصمتهم فقضى عليهم نهائيا، ويكفي لبيان فسادهم أن السلطان 'محمود' لما فتح بلادهم وأسقط ملكهم واسمه 'مجد الدولة' وجد في حوزته من الزوجات الحرائر ما يزيد عن خمسين امرأة ولدن له نيفا وثلاثين ولدا، ولما سئله عن ذلك قال 'مجد الدولة': هذه عادة سلفي ويقصد به 'كسرى الفرس'، ذلك لأن البويهيين كانوا يخططون للارتداد للعصر الساسانى مرة أخرى، فخدم 'محمود سبكتكين' الإسلام بذلك خدمة جليلة.




    ثانيا: القضاء على الدولة السامانية


    هذه الدولة كانت فيما مضى دولة قوية سنية ظاهرة حفظت البوابة الشرقية للعالم الإسلامى لفترة طويلة ولكنها لم تقم بدور الدعوة ونشر الإسلام في امتداد الشرق الإسلامي، وكان عصرهم كله حروب وصراعات مع الجيران، ولم تكن لولاة هذه الدولة سياسة رشيدة ولا اتجاه واضح مما جعل المشاكل والمتاعب تأتي كثيرا من جانبهم خاصة بعدما اقتتلوا فيما بينهم ودب الفساد والانحراف فيهم وأصبحوا عائقا أمام حركة الفتوحات الإسلامية والتى كان ينوي 'محمود' القيام بها، وبالفعل قضى 'محمود بن سبكتكين' على الدولة السامانية بعدما انتصر على 'عبد الملك بن نوح الساماني' عند مدينة 'مرو' سنة 389 هجرية وأنهى الوجود الساماني بخراسان، ثم أنهاه بسجستان سنة 393 هجرية.


    ثالثا: تحالفه مع الخلافة العباسية ضد الدولة الفاطمية


    كانت معظم الدول التي ظهرت بأطراف الخلافة العباسية تتعامل مع الخلافة بصورة مهينة، فيزدرون الخليفة العباسي، ولا يحترمون هيبة الخلافة، بل امتدت أيديهم بسفك دماء بعض الخلفاء مثلما حدث مع 'المعتز' و'المتوكل' و'المهتدي' العباسيين، فلما جاء السلطان 'محمود بن سبكتكين' وقامت الدولة السبكتكينية أعلن 'محمود' ولاءه الكامل وتبعيته التامة للخليفة العباسي وقتها 'القادر بالله'، وامتثل لكل الأوامر التي كانت تأتيه من الخليفة القادر بالله، وأقام معه حلفا قويا أمام أطماع الدولة الخبيثة الرافضية بمصر ووقف سدا منيعا أمام محاولات الروافض الكثيرة ونشر الرفض ببلاد خراسان وما حولها مستغلين الأثر السيء الذي خلفه وجود الدولة البويهية الهالكة، وعندما حاول العبيدون في مصر إغراءه بالهدايا كي يقيم الدعاية لهم في بلاده أحرق كتبهم وهداياهم وقتل 'التاهرتي' مندوبهم للدعوة وأهدى بغلته إلى القاضى أبي منصور محمد بن محمد الأزدي وقال له: [كان يركبها رأس الملحدين فليركبها رأس الموحدين]، ولما سمع أن أحد أمرائه وقد أرسله أميرا على قافلة الحجيج قد قبل هدايا من الفاطميين في موسم الحج أمره بالعودة بها مرة أخرى إلى بغداد عاصمة الخلافة وأن يحرقها بنفسه على باب قصر الخلافة أمام أعين الناس.


    رابعا: نشره للسنة ومحاربته للبدعة


    كان السلطان محمود بن سبكتكين على عقيدة السلف الصالح خاصة في باب الأسماء والصفات وله مناظرة شهيرة مع كبير الأشاعرة في وقته 'ابن قورك' انتصر عليه فيها وطرده من بلده بعدها وكان محمود يكره البدعة وأهلها والفرق الضالة بأسرها، لذلك فلقد أزال من كل بلد فتحه كل الاعتقادات الباطلة والفرق الضالة وأزال من بلاده كل أثر للتشيع والجهمية والمعتزلة ومذاهب الرفض كلها من إسماعيلية وقرامطة وزيدية، وعمل على نشر الإسلام الصحيح في كل نواحي السند إلى حوض البنجاب، وانتصار 'محمود' لعقيدة السلف الصالح جعلت كثيرا من المؤرخين الأشاعرة وأصحاب الميول الشيعية ينتقصون من قدر 'محمود' وينسبون إليه بعض الصفات الذميمة مثلما فعل ابن الأثير وكان متأثرا بالتشيع عندما وصف السلطان 'محمود بن سبكتكين' بالشره في جمع الأموال ولو من غير حقها وهي دعوى باطلة تخالفها سيرة وحياة هذا البطل العظيم في كل موطن.


    خامسا: حراسته للدين وإقامته للعدل


    كان السلطان محمود بن سبكتكين مثالا يحتذى به للحاكم المسلم الذي يعلم جيدا مهام الحاكم والواجبات المنوطة به، لذلك فلقد جاءت حياته وفترة ملكه تصديقا لهذه الواجبات والمهام الموكلة إليه فلقد كان رغم ملكه الفسيح في غاية الديانة والصيانة وكراهية المعاصي وأهلها، لا يجرؤ أحد على إظهار معصية في بلاده، ولا خمرا ولا شيئا من الملاهي والمعازف، فلقد كانت حياته على الاستقامة والجادة، واقتدى به شعبه فصار لا يشغلهم سوى قضية الدين ونشره والجهاد في سبيل الله، وكان 'محمود' من أحرص الناس على نشر الإسلام في البلاد المفتوحة خاصة كشمير وبلاد الغور 'فى أفغانستان حاليا' وكان كلما فتح بلدا بعث فيه الدعاة والمعلمين لنشر الدين وتعليم الإسلام، وأزال كل الفرق الضالة والباطنية، حتى لا تفسد عقائد حديثى الإسلام في تلك البلاد.


    وكان محمود محبا للعلماء والفقهاء والمحدثين وأهل الخير والصالحين، وكان حنفيا ثم صار شافعيا على يد الإمام 'القفال الصغير'، وعمل طوال حياته على إقامة ناموس العدالة حتى على أقرب المقربين فلقد اشتكى له بعض رعيته يوما أن ابن أخته يعتدى على حرمة بيته وحرمة زوجته محتميا بقرابته من السلطان، فنذر محمود ألا يأكل ولا يشرب حتى يأخذ حق هذا الرجل الضعيف وظل صائما عدة أيام، حتى ضبط محمود ابن أخته وهو يزني بامرأة هذا الرجل قسرا عنها فأخذه وقتله بيده حتى يرتدع كل من تسول له نفسه وقرابته من السلطان أن يخالف الشرع ويعتدي على الناس، وهكذا يكون الحاكم المسلم القدوة الذي تردع فعاله قبل نصاله.





    أعمال محمود على المستوى الخارجي




    على الرغم من عظمة الأعمال التى قام بها السلطان محمود على المستوى الداخلي وأثرها القوي والبعيد على الشرق الإسلامي كله، إلا أن ما قام به محمود على المستوى الخارجي ونقصد بذلك تلك الحملات الجهادية العظيمة التي قام بها محمود لأكثر من ثلاثين سنة متصلة على بلاد الهند وما حولها، هي التي رفعت ذكر هذا السلطان العظيم وأعلت شأنه وبيضت صفحته في التاريخ وبوأته مكانة لم يصل إليها أحد بعده من الفتوحات والجهاد فى سبيل الله، وهذه الأعمال جاءت كالآتى:



    أولا: القضاء على أكبر ملوك الهند 'جيبال'


    لم تكن شبه الجزيرة الهندية وحدة سياسية واحدة تحكمها إدارة وحاكم واحد، فلقد كانت مقسمة لعدة أجزاء وإمارات وأقاليم وذلك لضخامة مساحتها وكثرة الصحاري بها، وكل إقليم كان له ملك يحكمه، وكان أكبر هؤلاء الملوك سنا وشأنا وقوة وبأسا هو الملك 'جيبال' وكان في نفس الوقت أشدهم حقدا وكرها للمسلمين عموما وآل سبكتكين خصوصا، حيث أنه قد سبق وأن التقى في معركة كبيرة مع الأمير 'سبكتكين' سنة 369 هجرية وهزمه 'سبكتكين' هزيمة منكرة جعلت قلبه يحترق ويتلظى على المسلمين، فكما انتهى السلطان 'محمود' من الأمور الداخلية جعل كل همه القضاء على 'جيبال' هذا.


    بالفعل قاد محمود حملة جهادية كبيرة على شمال الهند حيث معقل ملك 'جيبال' وحصن مدنه واصطدم معه في معركة 'برشور' في المحرم سنة 392 هجرية، وصبر المسلمون على القتال رغم الفارق الهائل بين الجيشين، فلما انتصف النهار انهزم الهنود وقتل معظمهم، ووقع 'جيبال' نفسه في الأسر وكان في عنقه قلادة من الجوهر الثمين تقدر بمائتى ألف دينار وحدها فصار هو وماله وعشيرته غنيمة للمسلمين وكان محمود شديد الذكاء وعلى دراية تامة بنفسية كفار الهند فبعدما أسر 'جيبال' وألبسه شعار الذل، أطلق سراحه نظير دية ضخمة، وهو يعلم ما سيفعله به قومه، فإن من عادة الهنود أنهم من وقع في الأسر من ملوكهم لا تنعقد له رئاسة عليهم أبدا، فلما عاد 'جيبال' إلى بلده ورأى حاله وما صار إليه من هزيمة وذل وعار وضياع ملك ومال، حلق رأسه، ثم ألقى بنفسه في النار فاحترق بنار الدنيا قبل نار الآخرة، وبذلك أزال محمود أكبر عقبة في طريقه لنشر الإسلام بالهند.




    ثانيا: فتح الشمال الهندي


    كل ما قام به السلطان المجاهد 'محمود بن سبكتكين' على الصعيد الداخلي وإزالته للدولة البويهية والسامانية وكل الفرق الباطنية الضالة، كان من أجل الهدف الآسمى الذي نذر محمود حياته من أجله ألا وهو نشر دين الإسلام فى بلاد الهند والجهاد في سبيل الله عز وجل، فلقد استمر محمود في سلسلة طويلة من الحملات الجهادية على شمال الهند ابتداءا من سنة 392هجرية حتى سنة 418 هجرية.


    بدأ محمود فتوحه في الهند من مركز قوة، فلقد كان يسيطر على إقليم 'غزنه' وهو الإقليم الجبلي الذي يشرف على سهول البنجاب، فكانت مداخل الجبال وممر خيبر في يده، كذلك كان محمود قد مد سلطانه على كل بلاد إيران وما وراء النهر، فلم يعد هناك عدو يناوئه في شمال البلاد أو غربها وبهذا تمكن من أن يوجه كل قواه نحو الشرق حيث الشمال الهندى.


    بدأ محمود انتصاراته في الهند على أكبر ملوكهم 'جيبال' سنه 392 هجرية، ثم انحدر على إقليم 'الملتان' وكان فيه مركز الهندوكية في شمال الهند الغربي، ثم استولى على مدينة 'بهاتندة' وكان بها الكثير من فرقة القرامطة الباطنيين وأميرهم يدعى 'أبو الفتوح داود' وكان من أضر خلق الله على المسلمين فقضى محمود على هذه الفرقة الضالة، ثم حارب 'أتاندابال بن جيبال' سنة 395 هجرية وهزمه وقضى على سلطانه، ثم حارب حفيد 'جيبال' وكان قد ادعى الإسلام ليعرض عنه محمود ثم ارتد فقاتله محمود وأصبحت كل نواحى السند إلى حوض البنجاب بلاد مسلمة.


    انتهز أمراء الهند فرصة غياب 'محمود بن سبكتكين' لتأديب الخارجين عليه في بلاد ما وراء النهر، وخلعوا طاعته وجمعوا قواتهم لقتاله وذلك سنة 398 فعاد الأسد المجاهد بمنتهى السرعة في جيش كثيف من الأبطال المجاهدين وهزم الجيش الهندي المتحد هزيمة ساحقة وذلك عند قلعة 'بيهيمنكر'على سفح الهمالايا، وعندها أذعن كل أمراء الهند لسلطان الإسلام ودخل كثير منهم الإسلام ومن بقى دفع الدية عن يد وهو من الصاغرين.


    في سنة 408 هجرية بدأ 'محمود بن سبكتكين' في فتح كشمير، فدخلها من ناحية الشمال الغربي فعبر نهر 'جهلم' ودخل قلب كشمير وأخضع أمراءها وتحولت كشمير إلى بلاد مسلمة، وكان لهذا الانتصار صدى بعيد، حيث دخل معظم أمراء الهند في دين الإسلام وعلموا أنه الدين الحق الذي لا يغلب من يتمسك به ويعمل به ويدعوا إليه، وبعدها قرر 'محمود' أن يتجه جنوبا حيث إقليم الكوجرات وذلك من أجل مهمة خاصة جعلها 'محمود بن سبكتكين' درة أعماله وتتويجا لفتوحاته وجهاده الطويل .




    ثالثا: هدم صنم الهندوس الأكبر 'سومنات'


    استمر السلطان الفاتح 'محمود بن سبكتكين' في حملاته وفتوحاته لبلاد الهند، وكان كلما فتح بلدا أو هدم صنما، أو حطم معبدا قال كفار الهند: [إن هذه الأصنام والبلاد قد سخط عليها الإله 'سومنات' ولو أنه راض عنها لأهلك من قصدها بسوء] فسأل 'محمود' عن 'سومنات' هذا فقيل له: إنه أعظم الأصنام ومعبود الهنود الأكبر، ويعتقد فيه الهنود أن الأرواح إذا فارقت الأجساد اجتمعت إليه على عقيدة التناسخ عندهم فيعيدها فيمن شاء بزعمهم، وأن المد والجزر الذي عنده إنما هو عبادة البحر له.


    ويقع 'سومنات' على بعد مائتى فرسخ من مصب نهر 'الجانج' بإقليم 'الكوجرات' في غرب الهند ولهذا الصنم وقف عشرة ألاف قرية وعنده ألف كاهن لطقوس العبادة وثلاثمائة رجل يحلقون رؤوس و لحى زواره، وثلاثمائة رجل وخمسمائة امرأة يغنون ويرقصون على باب الصنم، وعندما اطلع 'محمود' على كل هذه المعلومات عزم وتوكل على الله في غزوه وتحطيمه وفتح معبده ظنا منه أن الهنود إذا رأوا تحطيم معبودهم وكذب أمره دخلوا في دين الإسلام وانتهت الوثنية من الهند .


    خاض 'محمود بن سبكتكين' العديد من المفاوز والمستنقعات، حتى أعوزه وجيشه الماء حتى كادوا أن يهلكوا فقام محمود ومن معه بالابتهال والاستغاثة بالله عز وجل، فبعث الله عز وجل لهم سحابة أمطرت عليهم الماء الوفير فشربوا وسقوا وقويت أبدانهم وقلوبهم على عدوهم، ووصلوا إلى بلدة 'دبولواره' فاستولى عليها بعد أن ظن أهلها أن معبودهم 'سومنات' سيمنعهم، ووصل 'محمود' إلى مكان 'سومنات' في منتصف ذي القعدة سنة 416 هجرية، فوجد أهلها على الأسوار يتفرجون على المسلمين واثقين أن معبودهم سيقطع دابرهم ويهلكهم، ولكن هيهات هيهات لقوم أضل من البهائم، انقض محمود ومن معه على كفار الهند ومعبودهم 'سومنات' ورأى الكفار مالم يرونه من قبل فى القتال والشدة وعظم الخطب عليهم، وكان الكفار يتقدم الواحد منهم إلى 'سومنات' فيسجد إليه ويعفر له خده ويعتنقه ويتضرع إليه ثم يخرج للقتال، فيقتل كالشاه الحمقاء، وهكذا حتى قتل المسلمون من الهنود خمسين ألفا ففر باقي الهنود ودخل المسلمون المدينة وهنا حدث موقف لا يقل روعة ولا جلالا عن مواقف محمود بن سبكتكين السابقة.





    هكذا يكون رجل العقيدة والإسلام


    بعدما حقق محمود بن سبكتكين نصره المبين على كفار الهند وفتح 'سومنات' عزم على هدم هذا الصنم الذى يعبد من دون الله عز وجل، فجاءه رؤساء الهنود وعرضوا عليه دفع أموال طائلة تقدر بالملايين، ومال أصحاب محمود وأمراء جيشه بالقبول وترك الصنم لتعويض الأموال الكثيرة التي أنفقت على تمويل الحملة، فبات 'محمود' طوال الليل يفكر ويستخير الله عز وجل، فلما أصبح قرر هدم الصنم 'سومنات' وعدم قبول الأموال وقال كلمته الشهيرة والتى تكتب بماء الذهب: [إنى فكرت فى الأمر الذي ذكر، فرأيت إذا نوديت يوم القيامة أين محمود الذى كسر الصنم؟ أحب إلي من أن يقال: أين محمود الذى ترك الصنم لأجل ما يناله من الدنيا؟] ولا نملك مع هذا الموقف العظيم إلا أن نقول للسلطان 'محمود' هنيئا لك ما وفقك الله إليه من حسن العمل للإسلام ونصرته، ونرجو من الله تعالى أن تنادى يوم القيامة بما أحببت أن تنادى به.


    والعجيب أن المسلمين بعدما كسروا صنم 'سومنات' وجدوا بداخله كنوزا هائلة من الياقوت والجواهر أضعاف أضعاف ما عرضه الهنود، فغنمه المسلمون وجمع الله عز وجل لهم فضيلة كسر الصنم وأفاء عليهم بأضعاف أضعاف ما تركوه، وصدق المصطفى صلى الله عليه وسلم عندما قال: [من ترك شيئا لله عز وجل عوضه الله بأفضل منه].





    شهيد على فراشه



    ظل محمود بن سبكتكين رافعا لراية الجهاد في سبيل الله ليل نهار لا يكل ولا يتعب ولا يكاد يجلس على فراشه، طالبا للشهادة من مظانها وفي كل موطن، وقد أنشأ دولة عظيمة شاسعة تضم إيران وما وراء النهر والشمال الهندي كله، وأخضع لسلطان الإسلام السند والبنجاب وحوض الجانج إلى حدود البنغال، ونشر الإسلام والعقيدة الصحيحة بتلك الربوع والسهول التي كانت مرتعا للعقائد الضالة وأفكار الفلاسفة، وقد عزم 'محمود' على أن ينقل عاصمته إلى إقليم 'الكوجرات' لتدعيم الوجود الإسلامى بالهند وياليته فعل ذلك، ولكن رجاله عز عليهم مفارقة مواطنهم وديارهم فصرفوه عن هذه الفكرة، وظل السلطان 'محمود بن سبكتكين' مجاهدا غازياً آخذا على عاتقه نشر الإسلام في بلاد الهند والقضاء على الوثنية فيها وبلغت مساحة فتوحاته ما فتحه الفاروق عمر وبلغت رايته الجهادية أماكن لم تبلغها راية قط ولم تتل بها سورة ولا أية قط وأقام شعائر الإسلام في أقصى ربوع الأرض.


    ومع ذلك ورغم هذه الحياة الطويلة فوق ظهر الخيل ورفقة السلاح إلا إنه مات على فراشه بعدما أصابه داء البطن ومكث عامين مريضا ولكن لا يضطجع بل يتكأ على جنبه ويحضر مجلس الحكم ليفصل بين الناس ويسير شئون الدولة، حتى مات رحمه الله مبطونا ولعلها تكون شهادة كما ورد ذلك في الحديث، تعوض هذا السلطان العظيم الذي فتح بلاد الهند وظل طوال حياته يطلب الشهادة كي ما ينالها، وينصر الإسلام وينشره كي ما يرضى عنه ربه، فسلام عليك يا أعظم سلاطين الإسلام.
    SeIfElLaH
    SeIfElLaH
    مجلس المدراء
    مجلس المدراء


    الأوسمة : يمين الدولة السلطان المجاهد محمود بن سبكتكين - فاتح الهند ومحطم الأصنام 0ea39110
    عدد المساهمات : 4497
    نقاط : 6387
    تاريخ التسجيل : 22/03/2010
    العمر : 47

    يمين الدولة السلطان المجاهد محمود بن سبكتكين - فاتح الهند ومحطم الأصنام Empty رد: يمين الدولة السلطان المجاهد محمود بن سبكتكين - فاتح الهند ومحطم الأصنام

    مُساهمة من طرف SeIfElLaH الإثنين يناير 05, 2015 10:19 pm

    السلطان العظيم محمود بن سبكتكين



    التعريف به

    محمود بن سُبُكْتِكِين أبو القاسم الملقب يمين الدولة وأمين الملة، وصاحب بلاد غزنة[1].

    جهاده وأهم المعارك ودوره فيها

    غزا يمين الدولة محمود بن سبكتكين بلاد الهند، فقصده ملكها جيبال في جيش عظيم، فاقتتلوا قتالاً شديدًا، ففتح الله على المسلمين وانهزمت الهنود وأسر ملكهم جيبال وأخذوا من عنقه قلادة قيمتها ثمانون ألف دينار وغنم المسلمون منهم أموالاً عظيمة وفتحوا بلادا كثيرة ثم إن محمودا سلطان المسلمين أطلق ملك الهند احتقارًا له واستهانة به ليراه أهل مملكته والناس في المذلة فحين وصل جيبال إلى بلاده، ألقى نفسه في النار التي يعبدونها من دون الله، فاحترق لعنه الله[2].
    وافتتح غزنة ثم بلاد ما وراء النهر، ثم استولى على سائر خراسان وعظم ملكه ودانت له الأمم، وفرض على نفسه غزو الهند كل عام، فافتتح منه بلادًا واسعة[3].


    أهم المعارك فتح سومنات

    كان للهند صنم يسمونه سومنات وهو أعظم أصنامهم في حصن حصين على ساحل البحر بحيث تلتقفه أمواجه والصنم مبنى في بيته على ستة وخمسين سارية من الساج المصفح بالرصاص وهو من حجر طوله خمسة أذرع منها ذراعان غائصان في البناء وليس له صورة مشخصة والبيت مظلم يضيء بقناديل الجوهر الفائق وعنده سلسلة ذهب بجرس وزنها مائة من تحرك بأدوار معلومة من الليل فيقوم عباد البرهميين لعبادتهم بصوت الجرس وعنده خزانة فيها عدد كثير من الأصنام ذهبا وفضة عليها ستور معلقة بالجوهر منسوجة بالذهب تزيد قيمتها على عشرين ألف ألف دينار وكانوا يحجون إلى هذا الصنم ليلة خسوف القمر فتجتمع إليه عوالم لا تحصى وتزعم الهنود أن الأرواح بعد المفارقة تجتمع إليه فيبثها فيمن شاء بناء على التناسخ والمد والجزر عندهم هو عبادة البحر وكانوا يقربون إليه كل نفيس وذخائرهم كلها عنده ويعطون سدنته الأموال الجليلة وكان له أوقاف تزيد على عشرة آلاف ضيعة وكان نهرهم المسمى كنك الذي يزعمون أن مصبه في الجنة ويلقون فيه عظام الموتى من كبرائهم وبينه وبين سومنات مائتا فرسخ وكان يحمل من مائه كل يوم لغسل هذا الصنم وكان يقوم عند الصنم من عباد البرهميين ألف رجل في كل يوم للعبادة وثلاثمائة لحلق رؤوس الزوار ولحاهم وثلاثمائة رجل وخمسمائة امرأة يغنون ويرقصون ولهم على ذلك الجرايات الوافرة وكان كلما فتح محمود بن سبكتكين من الهند فتحا أو كسر صنما يقول أهل الهند : إن سومنات ساخط عليهم ولو كان راضيًا عنهم لأهلك محمودا دونه فاعتزم محمود بن سبكتكين إلى غزوه وتكذيب دعاويهم في شأنه فسار من غزنة في شعبان سنة ست عشرة وأربعمائة في ثلاثين ألف فارس سوى المتطوعة وقطع القفر إلى الملتان وتزود له من القوت والماء قدر الكفاية وزيادة عشرين ألف حمل وخرج من المفازة إلى حصون مشحونة بالرجال قد غوروا آبارهم مخافة الحصار فقذف الله الرعب في قلوبهم وفتحها وقتل سكانها كسر أصنامها واستقى منها الماء وسار إلى أنهلوارن وأجفل عنها صاحبها بهيم وسار إلى بعض حصونه وملك السلطان المدينة ومر إلى سومنات ووجد في طريقه حصونا كثيرة فيها أصنام وضعوها كالنقباء والخدمة لسومنات ففتحها وخربها وكسر الأصنام ثم سار في قفر معطش واجتمع من سكانه عشرون ألفا لدفاعه فقاتلهم سراياه وغنموا أموالهم وانتهوا إلى دبلواه على مرحلتين من سومنات فاستولى عليها وقتل رجالها ووصل إلى سومنات منتصف ذي القعدة فوجد أهلها مختفين في أسوارهم وأعلنوا بكلمة الإسلام فوقها فاشتد القتال حتى حجز بينهم الليل ثم أصبحوا إلى القتال وأثخنوا في الهنود وكانوا يدخلون إلى الصنم فيعنفونه ويبكون ويتضرعون إليه ويرجعون إلى القتال ثم انهزموا بعد أن أفناهم القتل وركب فلهم السفن فأدركوا وانقسموا بين النهب والقتل والغرق وقتل منهم نحو من خمسين ألفا واستولى السلطان على جميع ما في البيت ثم بلغه أن بهيم صاحب أنهلوارن اعتصم بقلعة له تسمى كندهة في جزيرة على أربعين فرسخا من البر فرام خوض البحر إليها ثم رجع عنها وقصد المنصورة وكان صاحبها ارتد عن الإسلام ففارقها وتسرب في غياض هناك فأحاطت عساكر السلطان بها وتتبعوهم بالقتل فأنهوهم ثم سار إلى بهاطية فدان أهلها بالطاعة، ورجع إلى غزنة في صفر سنة سبع عشرة وأربعمائة[4].


    وفاته


    مات في يوم الخميس لسبع بقين من ربيع الآخر إحدى وعشرين وأربعمائة على ثلاثة وستين سنة، ملكه منها ثلاث وثلاثون[5].


    قالوا عنه

    وكان على عزم وصدق في الجهاد. قال عبد الغافر الفارسي: كان صادق النية في إعلاء كلمة الله تعالى، مظفرًا في غزواته، ما خلت سنة من سني ملكه عن غزوة أو سفرة، وكان ذكيًّا بعيد الغور، موفق الرأي، وكان مجلسه مورد العلماء[6].


    مدحه بديع الزمان الهمذاني قائلاً:


    أطلت شمس محمود ... على أنجم ساحـان

    وأمسـى آل بهـرام ... عبيدًا لابن خاقان

    إذا ما ركـب الفيـل ... لحرب أو لميدان
    رأت عيناك سلطانًا ... على منكب شيطان[7]
    SeIfElLaH
    SeIfElLaH
    مجلس المدراء
    مجلس المدراء


    الأوسمة : يمين الدولة السلطان المجاهد محمود بن سبكتكين - فاتح الهند ومحطم الأصنام 0ea39110
    عدد المساهمات : 4497
    نقاط : 6387
    تاريخ التسجيل : 22/03/2010
    العمر : 47

    يمين الدولة السلطان المجاهد محمود بن سبكتكين - فاتح الهند ومحطم الأصنام Empty رد: يمين الدولة السلطان المجاهد محمود بن سبكتكين - فاتح الهند ومحطم الأصنام

    مُساهمة من طرف SeIfElLaH الإثنين يناير 05, 2015 10:19 pm

    من سلاطين وملوك الإسلام الذين كان لهم دور عظيم في نشر الإسلام والسنة السلطان محمود الغزنوي المعروف بابن سبكتكين , وقد كان السلطان محمود الغزنوي في عهد الخليفة العباسي القادر بالله ؛ وهذا الخليفة كان معظما للسنة على طريقة أهل الحديث وقد أثنى عليه شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من العلماء .
    القادر بالله
    ذكر الخطيب البغدادي رحمه الله في ترجمة الخليفة القادر بالله
    "كان من الستر والديانة ولإدامة التهجد بالليل وكثرة البر والصدقات على صفة اشتهرت عنه ,وكان قد صنف كتابا في الأصول ذكر فيه فضائل الصحابة على ترتيب مذهب أهل الحديث ,وأورد في كتابه فضائل عمر بن عبد العزيز وإكفار المعتزلة والقائلين بخلق القرآن , وكان الكتاب يقرأ كل جمعة في حلقة أصحاب الحديث .
    تاريخ بغداد (4|38) وسير أعلام النبلاء (15|128)
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :وكان في أيام المتوكل قد عز الإسلام حتى ألزم أهل الذمة بالشروط العمرية وألزموا الصغار فعزت السنة والجماعة ,وقمعت الجهمية والرافضة ونحوهم وكذلك في أيام المتضد والمهدي والقادر وغيرهم من الخلفاء الذين كانوا أحمد سيرة وأحسن طريقة من غيرهم ,وكان الإسلام في زمنهم أعز وكانت السنة بحسب ذلك .
    مجموع الفتاوى (4|22)
    وذكر ابن كثير رحمه الله :
    وفي سنة ثمان وأربعمائة استتاب القادر بالله الخليفة ,فقهاء المعتزلة فأظهروا الرجوع وتبرؤا من الاعتزال والرفض والمقالات المخالفة للإسلام ,وأخذت خطوطهم بذلك ,وأنهم متى خالفوا أحل فيهم من النكال والعقوبة ما يتعظ به أمثالهم , وامتثل محمود بن سبكتكين أمر أمير المؤمنين في ذلك ,واستن بسنته في أعماله التي استخلفه عليها من بلاد خراسان وغيرها في قتل المعتزلة والرافضة والإسماعيلية والقرامطة والجهمية والمشبهة وصلبهم وحبسهم , ونفاهم وأمر بلعنهم على المنابر , وأبعد جميع طوائف أهل البدع ونفاهم عن ديارهم وصار ذلك سنة في الإسلام .
    البداية والنهاية (12|6)
    السلطان محمود بن سبكتكين
    وأما السلطان محمود الغزنوي فكان على طريقة القادر بالله في نشر السنة ومحاربة أهل الاعتزال والرفض .
    قال ابن كثير رحمه الله في أحداث سنة عشرين وأربعمائة
    وفي يوم الإثنين منها ثامن عشر رجب ..جمع القضاة والعلماء في دار الخلافة وقرئ عليهم كتاب جمعه القادر بالله فيه مواعظ وتفاصيل مذاهب أهل البصرة , وفيه الرد على أهل البدع وتفسيق من قال بخلق القرآن وصفة ما وقع بين بشر المريسي وعبدالعزيز بن يحيى الكتاني من المناظرة ثم ختم القول بالمواعظ والقول بالمعروف والنهي عن المنكر , وأخذ خطوط الحاضرين بالموافقة على ما سمعوه .
    وفي يوم الإثنين غرة ذي القعدة جمعوا أيضا كلهم وقرئ عليهم كتاب آخر طويل يتضمن بيان السنة والرد على أهل البدع ومناظرة بشر المريسي والكتاني أيضا والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفضل الصحابة وذكر فضائل أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما ولم يفرغوا منه إلا بعد العتمة وأخذت خطوطهم بموافقة ماسمعوه وعزل خطباء الشيعة وولي خطباء السنة ولله الحمد والمنة على ذلك وغيره .
    البداية والنهاية (12|26)
    وقال أبو إسماعيل الهروي عن السلطان محمود الغزنوي : قرأت كتاب محمود الأمير يحث فيه على كشف أستار هذه الطائفة والإفصاح بعيبهم ولعنهم حتى كان قد قال فيه : أنا ألعن من لايلعنهم فطار والله في الآفاق للحامدين كل مطار , وسار في المادحين كل مسار ؛ لا ترى عاقلا إلا وهو ينسبه إلى متانة الدين وصلابته .
    ذم الكلام (4|430)
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :ولما كانت مملكة محمود بن سبكتكين من أحسن ممالك بني جنسه كان الإسلام والسنة في مملكته أعز فإنه غزا المشركين من أهل الهند ونشر من العدل ما لم ينشره مثله فكانت السنة في أيامه ظاهرة والبدع في أيامه مقموعة .
    مجموع الفتاوى (4|22)
    وذكر الذهبي : أنه دخل ابن فورك على السلطام محمود الغزنوي
    فقال : لا يجوز أن يوصف الله بالفوقية لأن لازم ذلك وصفه بالتحتية فمن جاز أن يكون له فوق جاز أن يكون له تحت .
    فقال السلطان :ما أنا وصفته حتى يلزمني بل هو وصف نفسه , فبهت ابن فورك .
    سير أعلام النبلاء (17|487)
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :وأظهر السلطان محمود بن سبكتكين لعنة أهل البدع على المنابر وأظهر السنة وتناظر عنده ابن الهيصم وابن فورك في مسألة العلو فرأى قوة كلام ابن الهيصم فرجح ذلك .
    ويقال إنه قال لابن فورك : فلو أردت تصف المعدوم كيف كنت تصفه بأكثر من هذا ؟ أو قال : فرق لي بين هذا الرب الذي تصفه وبين المعدوم ؟
    وأن ابن فورك كتب إلى أبي إسحق الأسفراييني يطلب الجواب عن ذلك فلم يكن الجواب إلا أنه لو كان فوق العرش للزم أن يكون جسما.
    درء التعارض (3|229)

    ومن أعماله العظيمة التي قام بها تحطيم الأصنام في بلاد الهند
    قال ابن كثير رحمه الله في أحداث سنة سبع عشرة وأربعمائة
    "وفيها ورد كتاب من محمود بن سبكتكين يذكر أنه دخل بلاد الهند أيضا , وأنه كسر الصنم الأعظم الذي لهم المسمى بسومنات , وقد كانوا يفدون إليه من كل فج عميق كما يفد الناس إلى الكعبة البيت الحرام وأعظم وينفقون عنده الفقات والأموال الكثيرة التي لا توصف ولا تعد , وكان عليه من الأوقاف عشرة آلاف قرية ومدينة مشهورة , وقد امتلأت خزائنه أموالا وعنده ألف رجل يخدمونه وثلثمائة رجل يحلقون رؤس حجيجه وثلاثمائة رجل يغنون ويرقصون على بابه لما يضرب على بابه الطبول والبوقات , وكان عنده من المجاورين ألوف يأكلون من أوقافه , وقد كان البعيد من الهنود يتمنى لو بلغ هذا الصنم وكان يعوقه طول المفاوز وكثرة الموانع والآفات ثم استخار الله السلطان محمود لما بلغه خبر هذا الصنم وعباده وكثرة الهنود في طريقه والمفاوز المهلكة والأرض الخطرة في تجشم ذلك في جيشه , وأن يقطع تلك الأهوال إليه فندب جيشه لذلك ؛ فانتدب معه ثلاثون ألفا من المقاتلة ممن اختارهم لذلك سوى المتطوعة فسلمهم الله حتى انتهوا إلى بلد هذا الوثن , ونزلوا بساحة عباده ؛ فإذا هو بمكان بقدر المدينة العظيمة .
    قال: فما كان بأسرع من أن ملكناه وقتلنا من أهله خمسين ألفا وقلعنا هذا الوثن وأوقدنا تحته النار .
    وقد ذكر غير واحد أن الهنود بذلوا للسلطان محمود أموالا جزيلة ليترك لهم هذا الصنم الأعظم فأشار من أشار من الأمراء على السلطان محمود بأخذ الأموال وإبقاء هذا الصنم لهم .
    فقال : حتى أستخير الله عز وجل فلما أصبح قال إني فكرت في الأمر الذي ذكر فرأيت أنه إذا نوديت يوم القيامة أين محمود الذي كسر الصنم أحب إلى من أن يقال الذي ترك الصنم لأجل ما يناله من الدنيا ثم عزم فكسره رحمه الله فوجد عليه وفيه من الجواهر واللآلئ والذهب والجواهر النفيسة ما ينيف على ما بذلوه له بأضعاف مضاعفة , ونرجو من الله له في الآخرة الثواب الجزيل الذي مثقال دانق منه خير من الدنيا وما فيها مع ما حصل له من الثناء الجميل الدنيوي فرحمه الله وأكرم مثواه .
    SeIfElLaH
    SeIfElLaH
    مجلس المدراء
    مجلس المدراء


    الأوسمة : يمين الدولة السلطان المجاهد محمود بن سبكتكين - فاتح الهند ومحطم الأصنام 0ea39110
    عدد المساهمات : 4497
    نقاط : 6387
    تاريخ التسجيل : 22/03/2010
    العمر : 47

    يمين الدولة السلطان المجاهد محمود بن سبكتكين - فاتح الهند ومحطم الأصنام Empty رد: يمين الدولة السلطان المجاهد محمود بن سبكتكين - فاتح الهند ومحطم الأصنام

    مُساهمة من طرف SeIfElLaH الإثنين يناير 05, 2015 10:21 pm

    [size=32]اهتم الخلفاء الراشدون بفتح بلاد الهند؛ فبعثوا منذ عهد عمر بن الخطاب عدة حملات على أطراف هذه البلاد، غير أن الفتح المنظم بدأ في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك، حيث قام عامله على العراق الحجاج بن يوسف الثقفي بهذه المهمة العظيمة، فأعد حملة عسكرية وجهزها بما يكفل لها النجاح من عدة وعتاد، وأسند قيادتها إلى واحد من أكفأ القادة وأمهرهم هو ابن أخيه محمد بن القاسم، وكان دون العشرين من عمره، فنهض بهذه المهمة على خير وجه، وتمكن من التوغل في بلاد الهند، وفتح مدينة "ديبل" وأقام بها مسجدا، وترك بها حامية من أربعة آلاف جندي، وأصبحت ديبل أول مدينة عربية في الهند.
    وهذه المدينة كان موقعها قريبا من "كراتشي" لكنها اندرست ولم يعد لها وجود الآن، وواصل القائد المظفر حملته الناجحة في شمال الهند، وهو ينتقل من نصر إلى نصر، وأهالي البلاد تقبل عليه؛ فرحًا به لسماحته وحسن سياسته، وتعدّه محررَها من ظلم الهندوس واستعبادهم.
    غير أن هذا الحلم الجميل بدا يتحطم ويتبدد؛ فقد توفي الحجاج الثقفي صاحب اليد البيضاء في هذا الفتح، ومن بعده الخليفة الوليد بن عبد الملك، وتولى العراق حاكم جديد، فأوقف الفتح وعزل محمد بن القاسم عن ولاية السند.
    وظلت السند تابعة للدولة الأموية ومن بعدها الدولة العباسية، وحافظ المسلمون على ما فتحوه، وتوسعوا قليلا في ضم أجزاء أخرى إلى دولتهم، حتى سيطر المسلمون على المنطقة الواقعة بين كابل وكشمير والملتان.
    قيام الدولة الغزنوية:
    كانت "غزنة" بأفغانستان ولاية نائية، تخضع للدولة السامانية التي تحكم خراسان وما وراء النهر، ويقوم عليها ولاة من قِبلها، وشاءت الأقدار أن يلي غزنة سنة (366هـ= 976م) والٍ يسمى "سبكتكين" كان يتمتع بهمة عالية وكفاءة نادرة، وطموح عظيم، فنجح في أن يبسط نفوذه على البلاد المجاورة، وشرع في غزو أطراف الهند، وسيطر على كثير من المعاقل والحصون هناك، حتى تمكن من تأسيس دولة كبيرة في جنوبي غرب آسيا، وتوفي سنة (387هـ=997م).

    ولاية محمود بن سبكتكين
    بعد موت سبكتكين خلفه ابنه إسماعيل بعد أن عهد إليه أبوه بالملك من بعده، غير أن أخاه الأكبر محمود -وكان سند والده في غزواته وحروبه- رفض أن يقر لأخيه بالملك لضعفه وسوء تدبيره، فنهض عليه واستطاع بعد سبعة أشهر أن ينتزع الملك لنفسه، ويقبض على زمام الأمور، وبدأ عهد جديد لم تشهده المنطقة من قبل، فلم يكد يستقر الأمر له حتى بدأ نشاطًا واسعًا في الفتوح، وأثبت أنه واحد من كبار الفاتحين في تاريخ الإسلام، حتى قيل : إن فتوحه تعدل في المساحة فتوح عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
    قضى محمود الغزنوي الفترة الأولى من حكمه في تثبيت أركان دولته، وتوسيع رقعتها على حساب الدولة السامانية التي دبّ الضعف في أوصالها، فرأى الفرصة سانحة للقضاء عليها، وتم له ذلك في (جمادى الأولى 389هـ= أبريل 999م )بعد انتصاره على عبد الملك بن نوح الساماني في موقعة حاسمة عند مرو، وأصبحت خراسان خاضعة له، ثم تصدى للدولة البويهية، وانتزع منها الري وبلاد الجبل وقزوين.

    فتح الهند:
    بعد أن استقرت الأحوال لمحمود الغزنوي واستتب له الحكم، وأقرته الخلافة العباسية على ما تحت يده من بلاد، تطلّع إلى بسط سيطرته على بلاد الهند، ومد نفوذه إليها ونشر الإسلام بين أهلها؛ ولذلك تعددت حملاته على الهند حتى بلغت أكثر من سبع عشرة حملة، وظل يحارب دون فتور نحوًا من سبع وعشرين سنة، بدأت من عام (390هـ= 1000م)، حيث قاد حملته الأولى على رأس عشرة آلاف مقاتل، والتقى عند مدينة بشاور بجيش "جيبال" أحد ملوك الهندوس، وحقق نصر غاليا، ووقع الملك الهندي في الأسر، الذي لم يستطع أن يتحمل هزيمته والعار الذي لحق به، فأقدم على حرق نفسه، بعدما أطلق الغزنوي سراحه مقابل فدية كبيرة.
    ثم تعددت حملات الغزنوي، وفي كل مرة كان يحقق نصرا، ويضيف إلى دولته رقعة جديدة، ويبشر بالإسلام بين أهالي المناطق المفتوحة، ويغنم غنائم عظيمة، حتى توج فتوحاته في الهند بفتح بلاد "الكجرات"، ثم توجه إلى مدينة "سومنات" سنة (416هـ= 1025م) وكان بها معبد من أكبر معابد الهند، يحوي صنما اسمه "سومنات" وكان الهندوس يعظمونه ويحملون إليه كل نفيس، ويغدقون الأموال على سدنته، وكانت مدينة سومنات تقع في أقصى جنوب الكجرات على شاطئ بحر العرب، فقطع الغزنوي الصحاري المهلكة حتى بلغها، واقتحم المعبد، وهزم الجموع الغفيرة التي حاولت إنقاذ المعبد، ووقع آلاف الهندوس قتلى، وسقط المعبد في أيدي المسلمين.
    وغنم الغزنوي أموالا عظيمة قُدرت بنحو عشرين مليون دينار، وعاد إلى غزنة سنة (417هـ=1026م) وظلت ذكرى هدم معبد سومنات عالقة في ذاكرة الهندوس لم يمحها كرّ السنين، ولا تغيرها الأحوال، حتى إذا ما ظفرت الهند باستقلالها عمدت إلى بناء هذا المعبد من جديد في احتفال مهيب.
    ولم يكن الغزنوي مدفوعا في فتوحاته برغبة جامحة في كسب الغنائم أو تحقيق مجد يذكره له التاريخ، ولكن قاده حماسه لنشر الإسلام، وإبلاغ كلمة التوحيد في مجتمع وثني، وكانت تلك الحملات مسبوقة بطلب الدخول في الإسلام، وإلى هذا أشار السير "توماس أرنولد" في كتابه "الدعوة إلى الإسلام" بقوله: وفي الحق أن الإسلام قد عُرض في الغالب على الكفار من الهندوس قبل أن يفاجئهم المسلمون.
    وكانت حصيلة جهود محمود الغزنوي أن أتمّ فتح شمال شبة القارة الهندية، ففتح إقليم كابلستان، وملتان، وكشمير، وأخضع البنجاب، ونشر الإسلام في ربوع الهند، وفتح طريقا سلكه من جاء بعده.
    وقد نظر المؤرخون المسلمون إلى أعماله نظر إعجاب وتقدير، فقد بلغ بفتوحاته إلى "حيث لم تبلغه في الإسلام راية، وأقام بدلا من بيوت الأصنام مساجد الإسلام".

    النهضة الحضارية والثقافية:
    اكتسب الغزنوي مكانته في التاريخ بفتوحاته التي لم تُسبق، وبجهوده الحضارية التي لم يشغله عنها فتوحاته وغزواته، وكان الغزنوي نفسه مولعا بعلم الحديث، يستمع إلى علمائه كما كان فقيها له مؤلفات، ولا يكاد يسمع بعالمٍ له مكانة حتى يستدعيه إلى دولته، فاستقدم "أبو الريحان محمد بن أحمد البيروني" المتوفى سنة (440هـ= 1049م) الذي نبغ في علوم كثيرة، في مقدمتها الرياضة والفلك، وعُدّ من أعظم رجال الحضارة الإسلامية، وتُرجمت كتبه إلى اللغات الأوروبية، وأطلقت روسيا اسمه على جامعة أنشأتها حديثا.
    وعني السلطان بالشعر وكان له به شغف، ومن أشهر الشعراء الذين ازدانت بهم دولته الشاعر الفارسي "عنصري" وكان نديما للسلطان وشاعرا له، منحه لقب "ملك الشعراء" في مملكته، و"المسجدي"، و"الفرخي" وهو شاعر فارسي عظيم قيل فيه: إن الفرخي لدى الفرس بمثابة المتنبي لدى العرب.
    أما أبرز الشعراء في هذا العصر فهو "الفردوسي" صاحب "الشاهنامة" التي نظمها في خمسة وعشرين عاما من الجهد والإبداع، وتشمل أخبار الفرس القدامى، وهي من عيون الأدب العالمي.
    ومن أبرز كتّاب الدولة ومؤرخيها "أبو الفتح البستي" وكان كاتبا للسلطان وموضع سره ومستشاره في كثير من الأمور، وله شعر رائق ونظم جيد، و"أبو نصر محمد بن عبد الجبار العتبي" مؤرخ الدولة الغزنوية وكاتب السلطان مع أبي الفتح البستي، له كتاب "اليميني" نسبة إلى يمين الدولة لقب السلطان محمود الغزنوي، تناول فيه تاريخ الدولة الغزنوية.
    وأصبحت غزنة في عهد السلطان محمود منارة للعلم ومقصدا للعلماء، وغدت عامرة بالمساجد والقصور والأبنية التي لا تقل بهاءً وجمالا عن المنشآت الهندية التي اشتهرت بدقة التصميم وجمال العمارة.

    وفاة الغزنوي:
    ظل السلطان محمود الغزنوي يواصل جهاده حتى مرض، وطال به مرضه نحو سنتين، ومع ذلك لم يحتجب عن الناس أو يمنعه المرض من مباشرة أمور رعيته حتى توفي قاعدًا في (23 من شهر ربيع الأول 421هـ= 29 من أبريل 1030م) بعد أن أنشأ دولة واسعة، ضمّت معظم إيران وبلاد ما وراء النهر وشمال الهند كله، ونشر دينًا لا يزال له أتباع كثيرون في الهند.

    [/size]
    هوامش ومصادر:

    ـ نظام الدين بخشي الهروي- المسلمون في الهند- ترجمة أحمد عبد القادر الشاذلي- الهيئة العامة للكتاب- القاهرة 1995م.
    ـ عبد المنعم النمر- تاريخ الإسلام في الهند- المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر- بيروت 1401هـ=1981م.
    ـ حسن أحمد محمود- الإسلام والحضارة العربية في آسيا الوسطى- دار النهضة العربية- القاهرة 1968م.
    ـ عصام الدين عبد الرؤوف- تاريخ الإسلام في جنوب غرب آسيا- دار الفكر العربي- القاهرة 1975م.
    ـ حسين مؤنس- أطلس تاريخ الإسلام- الزهراء للإعلام العربي- القاهرة 1407هـ=1987م.

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 02, 2024 1:23 pm