بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد:
فإن معرفة المسلم الملتزم بالإسلام عقيدة وعبادة لحكم الموالاة والمعاداة في الله؛ تجعله ينطلق في تعامله مع الناس من فهم ثابت، وتصور صحيح، في علاقاته مع الناس، فيعاملهم على أساس قربهم بعدهم من الله، فكلما كان الإنسان إلى أقرب كانت موالاته ومحبته ومناصرته في الله أعظم، وكلما انحرف الإنسان عن طاعة الله عز وجل أبغضه المؤمن على قدر انحرافه، وعاداه على قدر بعده عن الله؛ لأن محبة الله عز وجل هي الأساس في كل تصرف يتصرفه العبد المسلم، فمحبة ما يحبه الله تابعه لمحبة الله منبثقة عنها، إذ المحبة هي أصل الموالاة في الله، والبغض أصل المعاداة في الله([sup][size=24][1])[/sup] ولعل تهاون كثير من المسلمين في عقيدة الولاء والبراء يعود إلى أمور عدة منها:
[/size]
[/size]
الأول: جهلهم بحكم الموالاة في الله والمعاداة فيه المستمد من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة ولذلك نجدهم يوالون أعداء الله ويحبونهم وكأن الله لم يقل لنا ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾([sup][size=24][2])[/sup].
[/size]
[/size]
الثاني: انحراف كثير ممن ينتسب إلى الإسلام من الفرق المختلفة عن تطبيق الدلالة الحقيقية الشرعية لهذا المفهوم فيحرفونه ويغيرونه، ليناسب ما ذهبوا إليه واصلوه من بدعهم المضللة وأفكارهم المنحرفة.
الثالث: تغليب الأهواء الشخصية والمطامع الدنيوية المتعارضة مع أوامر الله تعالى في الموالاة والمعاداة؛ أدى إلى تجاهل الكثيرين لهذا الأمر.
الرابع: روح الانهزامية التي تعيشها الأمة المسلمة في هذا الزمان جعلتها تركن إلى الذين ظلموا فتواليهم وتعادي من يعاديهم خوفا منهم ورغبة فيما عندهم ﴿فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ﴾([sup][size=24][3])[/sup]. ونظرا لهذه الأسباب ولغيرها أحببت أن أدلى بدلوي في هذا الموضوع بكتابة هذه الرسالة الموجزة المختصرة والتي اشتملت على بيان منهج أهل السنة والجماعة تجاه قضية الولاء والبراء، ثم اتبعت ذلك ببيان بعض المناهج البدعية المخالفة لهذا المنهج فعرضت لمواقف كل من الشيعة والخوارج والصوفية، ولعل هذه المقارنة تبين مدى اتساع الهوة بين الحق وأتباعه والباطل وأعوانه حول هذه المسألة وبضدها تتبين الأشياء.
[/size]
[/size]
وفي الختام؛ أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا ممن يرى الحق حقا ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه، وأن يجعلنا ممن يحقق عقيدة الولاء والبراء كما شرعها في كتابه وعلى لسان رسول صلى الله عليه وسلم إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين.
([1]) انظر الموالاة والمعاداة في الشريعة الإسلامية جـ1ص27.
([2]) من الآية 51-سورة المائدة.
([3]) من الآية 52- سورة المائدة.