التصنيف
- القرآن وعلومه » تفسير القرآن.
201755: الخرائط الذهنية للقرآن الكريم هي دراسة موضوعية لآياته البينات
السؤال:
انتشرت في الآونة الأخيرة خرائط ذهنية للمساعدة على حفظ القرآن الكريم ،
كنت أود أن أعلم حكم استخدامها .
الجواب :
الحمد لله
الخارطة الذهنية المقصودة في هذا الموضوع هي الرسومات الشجرية
التي تبين الوحدة الموضوعية لسور القرآن الكريم .
يتم من خلالها استعراض الموضوعات التي تناولتها سورة معينة من القرآن ،
وعلاقة هذه الموضوعات ببعضها ، وترتيبها في السورة ،
ثم رسم ذلك على شكل خارطة أو شجرة تعين الناظر فيها على تصور
السورة تصورا كليا إجماليا ، وهذا أمر يسهل على القارئ التدبر ، وعلى الحافظ الحفظ والاستحضار .
وهذا – كما يلاحظ السائل – عرض لموضوعات السورة ، والقضايا المقاصدية
التي اشتملت عليها ، مع الإشارة إلى علاقة تلك القضايا بالموضوع الرئيسي للسورة ،
وهو ما يسميه المختصون في علوم القرآن والتفسير " الوحدة الموضوعية " للسورة .
والخرائط الذهنية إنما هي رسومات وشجرات تعرض هذا التفسير الموضوعي للسورة بشكل سهل ومتميز .
وقد وقفنا على مجموعة من المؤلفات المهمة في هذا الموضوع ، منها :
1. التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم ، إعداد نخبة من علماء التفسير وعلوم القرآن ،
بإشراف الأستاذ الدكتور مصطفى مسلم ، إصدار كلية الدراسات العليا في جامعة الشارقة ،
وهو موسوعة ضخمة متميزة ، تقع في عشرة مجلدات ، تم إصدارها في العام (2010م) .
2. الخارطة الذهنية للقرآن الكريم ، سورة البقرة نموذجا ، تأليف فضيلة الدكتور إبراهيم الدويش.
3. الخرائط الذهنية لسور القرآن الكريم ، تأليف صفية السحيباني .
وللتأصيل لهذا النوع من التفسير وأهميته وضوابطه ، يمكن مراجعة كتاب
" التفسير الموضوعي للقرآن الكريم " للدكتور أحمد الكومي .
وكتاب " مباحث في التفسير الموضوعي " للأستاذ الدكتور مصطفى مسلم .
يقول فيه حفظه الله :
" اللون الثالث من التفسير الموضوعي يبحث عن الهدف الأساسي
في السورة الواحدة ، ويكون هذا الهدف هو محور التفسير الموضوعي في السورة .
وطريقة البحث في هذا اللون هو أن يستوعب الباحث هدف السورة الأساسي ،
أو أهدافها الرئيسية ، ثم يبحث عن سبب النزول للسورة أو الآيات التي عرضت
الموضوع الأساسي للسورة ، ثم ينظر إلى ترتيب نزول السورة من بين السور
المكية أو المدنية ، ثم يدرس الأساليب القرآنية في عرض الموضوع
والمناسبات بين مقاطع الآيات في السورة .
وسيجد الباحث أن لكل سورة شخصيتها المستقلة وأهدافها الأساسية .
ولم يظفر هذا اللون من التفسير الموضوعي بعناية المفسرين القدماء ،
بل جاء في ثنايا تفسيرهم الإشارة إلى بعض أهداف السور وخاصة القصيرة منها ،
وكذلك التوخي لوجه المناسبة بين مقاطع بعض السور ،
كما فعل الفخر الرازي في تفسيره الكبير ، وكما فعل البقاعي في " نظم الدرر "،
وعبد الحميد الفراهي في كتابه " نظام القرآن ".
أما في العصر الحديث فقد كان سيد قطب مولعا بعرض أهداف وأساسيات
كل سورة قبل البدء في تفسيرها ، وبيان شخصية كل سورة وملامحها
المتميزة عن بقية السور . والأساليب المتبعة في عرض أفكارها .
فيعتبر كتابه " في ظلال القرآن " نموذجا جيدا وبخاصة مقدمة تفسيره لكل سورة .
كما كتب غيره ممن جاء بعده مستفيدا من منهجه ،
كما فعل إبراهيم زيد الكيلاني في كتابه " تصور الألوهية كما تعرضه سورة الأنعام "،
وكتابه " معركة النبوة مع المشركين "
أو : قضية الرسالة كما تعرضها سورة الأنعام وبينها القرآن الكريم "
انتهى . (ص/29) .
ويقول أيضا :
" فإن التفسير الموضوعي نوع من أنواع التفسير الذي بدأت أصوله تترسخ ،
ومناهجه تتضح منذ نصف قرن من الزمن ، وأقر تدريسه في الجامعات ،
فهو إلى جانب التفسير التحليلي والإجمالي والمقارن ، أصبح يشغل حيزا
في الدراسات القرآنية المعاصرة ، إلا أن جانب التطبيق العملي غلب
على الدراسات التأصيلية ، وبخاصة " الموضوع القرآني "،
فهناك مئات بل ألوف الدراسات التي تناولت حقول المعرفة الإنسانية
من خلال القرآن الكريم ، وسجلت الرسائل العلمية في الدراسات العليا
في القضايا المختلفة ، وبذلت جهود هائلة لإثارة الموضوعات العلمية
التطبيقية والدراسات الاجتماعية والنفسية والتاريخية والفلسفية والعقدية
من خلال القرآن الكريم .
وحظي هذا اللون – الموضوع القرآني – باهتمام الدارسين ،
بل صار يخيل لكثير من طلبة العلم أنه اللون الوحيد للتفسير الموضوعي ، ولا زال .
أما اللونان الآخران – المصطلح القرآني – والتفسير الموضوعي للسورة القرآنية ،
فقد تناولها الباحثون ، ولكن ليست على مستوى الدراسات التي حظي بها الموضوع القرآني .
وكتبت دراسات متفرقة هنا وهناك عن المصطلح القرآني ،
وفسرت سور متفرقة هنا وهناك أيضا .
ولا أظن أحدا وضع في خطته أن يقوم بتفسير لجميع سور
القرآن الكريم على منهج التفسير الموضوعي ،
وكان حلما يراودني منذ توليت تدريس هذه المادة في الجامعات
منذ خمسة وثلاثين عاما ، إلى أن قيض الله سبحانه وتعالى
لهذه المهمة مجموعة بحوث الكتاب والسنة التي أنشئت عام (1425هـ-2004م)
في جامعة الشارقة ، حيث تبنت المجموعة القيام بهذا العمل الرائد غير المسبوق
" انتهى من " التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم " (1/أ-ب) .
والذي نراه في حكم مثل هذه الاجتهادات العلمية أنها أسباب معينة على الخير ،
ووسائل توصل إلى مقاصد شرعية ، تتلخص بالتفكر والتدبر والتأمل في كتاب الله العزيز ،
بطريقة طريفة مبتكرة ، سلكها بعض المفسرين في كتبهم قديما – بوجه غير متكامل –
كالبقاعي في " نظم الدرر في تناسب الآيات والسور "،
ونقرأ منها شذرات متفرقة في كتب التفسير إجمالا ،
فمن المشروع الزيادة عليها وتطويرها لتصبح فنا قائما بذاته .
ولما كانت الوسائل لها أحكام المقاصد ، والمقاصد هنا جليلة شريفة ،
كانت الوسيلة أيضا مشروعة ، ونفعها ظاهر ،
وفائدتها متحققة لكل من تأمل فيها وسلكها .
على أن نتحرى أن يكون القائم على تلك الخرائط ،
أو المؤلف فيها : من أهل العلم بكتاب الله ، وتفسيره ،
على معرفة بلغات العرب ، وأساليبها في الكلام ،
مُلما بأقوال السلف في تفسير كتاب الله .
نسأل الله تعالى السداد والتوفيق للقائمين على هذا المشروع .
والله أعلم