رحلة الروح المؤمنة بين السماء والأرض
تحت هذا العنوان نستعرض حديثا شريفا من أحاديث المصطفى r، وفيه وصف دقيق للحظات الأخيرة من حياة الإنسان، ثم بيان للرحلة الكبرى للروح بين السماء والأرض حتى تصير لمستقرها في العذاب أو في النعيم، نسأل الله الكريم من فضله، والعافية من أسباب سخطه وأليم عقابه.
وهذا الوصف الذي نحن بصدده ينتظم ويشمل جميع أرواح المكلفين من العباد، المؤمنين والكافرين، المتقين والفاسقين، وها هو الوصف نسوقه للتو بطوله وبمجموع ألفاظه ورواياته.
فعن البراء بن عازب – رضي الله عنه – قال: خرجنا مع النبي r في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولما يلحد، فجلس رسول الله r مستقبل القبلة، وجلسنا حوله، وكأن على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكت في الأرض، فجعل ينظر إلى السماء، وينظر إلى الأرض، وجعل يرفع بصره ويخفضه – ثلاثا – فقال : «استعيذوا بالله من عذاب القبر – مرتين أو ثلاثا» ثم قال : «اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر - ثلاثا» ثم قال: «إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة ([1])، نزل إليه ملائكة من السماء، بيض الوجوه، كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط من حنوط الجنة، حتى يجلسوا منه مد البصر، ثم يجئ ملك الموت – عليه السلام – حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الطيبة – وفي رواية: المطمئنة – أخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان، قال : فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من فِيِّ السقاء، فيأخذها – وفي رواية: حتى إذا خرجت روحه صلى عليه كل ملك بين السماء والأرض، وكل ملك في السماء، وفتحت له أبواب السماء، ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله أن يعرج بروحه من قبلهم.
فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن، وفي ذلك الحنوط، فذلك قوله تعالى:}تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ{ [الأنعام:61]، ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض. قال: فيصعدون بها، فلا يمرون – يعني بها – على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الطيب؟ فيقولون : فلان ابن فلان، بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا، حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا، فيستفتحون له، فيفتح لهم، فيشيعه من كل سماء مقربوها ([2])، إلى السماء التي تليها، حتى ينتهي به إلى السماء السابعة، فيقول الله – عز وجل- اكتبوا كتاب عبدي في عليين }وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ{ [المطففين: 19-21]، فيكتب كتابه في عليين، ثم يقال: أعيدوه إلى الأرض، فإني وعدتهم أني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى.
قال: فيرد إلى الأرض، وتعاد روحه في جسده، قال: فإنه يسمع خفق نعال أصحابه إذا ولو عنه مدبرين.
فيأتيه ملكان شديدا الانتهار فينتهرانه، ويجلسانه، فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : ربي الله، فيقولان له : ما دينك ؟ فيقول : ديني الإسلام. فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول: هو رسول الله r. فيقولان له : وما عملك؟ فيقول:قرأت كتاب الله، فآمنت به وصدقت، فينتهره، فيقول: من ربك ؟ ما دينك ؟ من نبيك؟ وهي آخر فتنة تعرض على المؤمن، فذلك حين يقول الله – عز وجل-}يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا{ [إبراهيم:27]، فيقول : ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد r.
فينادي مناد في السماء : أن صدق عبدي، فأفرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له بابا إلى الجنة، قال: فيأتيه من روحها وطيبها، ويفسح له في قبره مد بصره.
قال: ويأتيه – وفي رواية: يمثل له – رجل حسن الوجه، حسن الثياب، طيب الريح، فيقول : أبشر بالذي يسرك، أبشر برضوان من الله وجنات فيها نعيم مقيم، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول له : وأنت فبشرك الله بخير من أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالخير، فيقول : أنا عملك الصالح، فو الله ما علمتك إلا كنت سريعا في طاعة الله، بطيئا في معصية الله، فجزاك الله خيراً.
ثم يفتح له باب من الجنة، وباب من النار، فيقال: هذا منزلك لو عصيت الله، أبدلك الله به هذا، فإذا رأى ما في الجنة قال : رب عجل قيام الساعة كي ما أرجع إلى أهلي ومالي، فيقال له: اسكن».
تلكم هي رحلة الروح المؤمنة، حيث يحيطها الله برعايته ويكلؤها بعنايته، فضلا منه – جل وعلا – ونعمة، كي ترجع تلك الروح التي عرفت ربها وعبدته في الدنيا إلى ربها راضية مرضية، ولنتلبث الآن عند رحلة أخرى، مفزعة مخيفة، ألا وهي رحلة الروح الفاجرة....
***
تحت هذا العنوان نستعرض حديثا شريفا من أحاديث المصطفى r، وفيه وصف دقيق للحظات الأخيرة من حياة الإنسان، ثم بيان للرحلة الكبرى للروح بين السماء والأرض حتى تصير لمستقرها في العذاب أو في النعيم، نسأل الله الكريم من فضله، والعافية من أسباب سخطه وأليم عقابه.
وهذا الوصف الذي نحن بصدده ينتظم ويشمل جميع أرواح المكلفين من العباد، المؤمنين والكافرين، المتقين والفاسقين، وها هو الوصف نسوقه للتو بطوله وبمجموع ألفاظه ورواياته.
فعن البراء بن عازب – رضي الله عنه – قال: خرجنا مع النبي r في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولما يلحد، فجلس رسول الله r مستقبل القبلة، وجلسنا حوله، وكأن على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكت في الأرض، فجعل ينظر إلى السماء، وينظر إلى الأرض، وجعل يرفع بصره ويخفضه – ثلاثا – فقال : «استعيذوا بالله من عذاب القبر – مرتين أو ثلاثا» ثم قال : «اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر - ثلاثا» ثم قال: «إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة ([1])، نزل إليه ملائكة من السماء، بيض الوجوه، كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط من حنوط الجنة، حتى يجلسوا منه مد البصر، ثم يجئ ملك الموت – عليه السلام – حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الطيبة – وفي رواية: المطمئنة – أخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان، قال : فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من فِيِّ السقاء، فيأخذها – وفي رواية: حتى إذا خرجت روحه صلى عليه كل ملك بين السماء والأرض، وكل ملك في السماء، وفتحت له أبواب السماء، ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله أن يعرج بروحه من قبلهم.
فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن، وفي ذلك الحنوط، فذلك قوله تعالى:}تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ{ [الأنعام:61]، ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض. قال: فيصعدون بها، فلا يمرون – يعني بها – على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الطيب؟ فيقولون : فلان ابن فلان، بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا، حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا، فيستفتحون له، فيفتح لهم، فيشيعه من كل سماء مقربوها ([2])، إلى السماء التي تليها، حتى ينتهي به إلى السماء السابعة، فيقول الله – عز وجل- اكتبوا كتاب عبدي في عليين }وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ{ [المطففين: 19-21]، فيكتب كتابه في عليين، ثم يقال: أعيدوه إلى الأرض، فإني وعدتهم أني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى.
قال: فيرد إلى الأرض، وتعاد روحه في جسده، قال: فإنه يسمع خفق نعال أصحابه إذا ولو عنه مدبرين.
فيأتيه ملكان شديدا الانتهار فينتهرانه، ويجلسانه، فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : ربي الله، فيقولان له : ما دينك ؟ فيقول : ديني الإسلام. فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول: هو رسول الله r. فيقولان له : وما عملك؟ فيقول:قرأت كتاب الله، فآمنت به وصدقت، فينتهره، فيقول: من ربك ؟ ما دينك ؟ من نبيك؟ وهي آخر فتنة تعرض على المؤمن، فذلك حين يقول الله – عز وجل-}يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا{ [إبراهيم:27]، فيقول : ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد r.
فينادي مناد في السماء : أن صدق عبدي، فأفرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له بابا إلى الجنة، قال: فيأتيه من روحها وطيبها، ويفسح له في قبره مد بصره.
قال: ويأتيه – وفي رواية: يمثل له – رجل حسن الوجه، حسن الثياب، طيب الريح، فيقول : أبشر بالذي يسرك، أبشر برضوان من الله وجنات فيها نعيم مقيم، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول له : وأنت فبشرك الله بخير من أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالخير، فيقول : أنا عملك الصالح، فو الله ما علمتك إلا كنت سريعا في طاعة الله، بطيئا في معصية الله، فجزاك الله خيراً.
ثم يفتح له باب من الجنة، وباب من النار، فيقال: هذا منزلك لو عصيت الله، أبدلك الله به هذا، فإذا رأى ما في الجنة قال : رب عجل قيام الساعة كي ما أرجع إلى أهلي ومالي، فيقال له: اسكن».
تلكم هي رحلة الروح المؤمنة، حيث يحيطها الله برعايته ويكلؤها بعنايته، فضلا منه – جل وعلا – ونعمة، كي ترجع تلك الروح التي عرفت ربها وعبدته في الدنيا إلى ربها راضية مرضية، ولنتلبث الآن عند رحلة أخرى، مفزعة مخيفة، ألا وهي رحلة الروح الفاجرة....
***