SeIfElLaH- مجلس المدراء
- الأوسمة :
عدد المساهمات : 4497
نقاط : 6387
تاريخ التسجيل : 22/03/2010
العمر : 48
من طرف SeIfElLaH الإثنين فبراير 09, 2015 9:21 pm
آفات اللسان
* آفات اللسان كثيرة جداً، وهي منتشرة – للأسف – بين الناس، ومنها:
1- الكلام فيما لا يعنيك: وهذه آفة منتشرة بين الناس، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حذرنا منها بقوله:«من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه»، وقال: «أكثر الناس ذنوبا أكثرهم كلاماً فيما لا يعنيه».
وحدِّ الكلام فيما لا يعنيك أن تتكلم بكلام لو سكت عنه لم تأثم ولم تستضر به في حال ولا مال، أو تسأل غيرك فيما لا يعنيك، أو تسال عن مسألة لا حاجة لك إليها. والذي لا يعني هو الفضول كله على اختلاف أنواعه، والذي يعني المرء من الأمور هو ما تعلق بضرورة حياته في معاشه مما يشبعه ويرويه ويستر عورته، ويعف فرجه، ونحوه مما يدفع الضرورة دون ما فيه تلذذ وتنعم.
ويلحق بهذه الآفة فضول الكلام، وهو الزيادة فيما يعني على قدر الحاجة، وهو مذموم أيضا، وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «طوبى لمن أمسك الفضل من لسانه، وأنفق الفضل من ماله»، فانظر كيف قلب الناس الأمر في ذلك، فامسكوا فضل المال، وأطلقوا فضل اللسان.
* وسبب هذه الآفة: حرص المرء على معرفة ما لا حاجة به إليه، أو المباسطة بالكلام على سبيل التودد، أو إشغال الأوقات بحكايات لا فائدة فيها.
* وعلاجها: أن يعلم المرء أن الموت بين يديه، وأنه مسئول عن كل كلمة، وأن أنفاسه رأس ماله، وأن لسانه شبكة يقدر أن يقتنص بها الحور العين، وأن يلزم نفسه السكوت عن بعض ما يعنيه حتى يعتاد لسانه ترك ما لا يعنيه.
2- الخوض في الباطل: وهو الكلام في المعاصي كحكاية أحوال النساء ومجالس الخمر ومقامات الفساق، وحكاية البدع والمذاهب الفاسدة، فإن كل ذلك مما لا يحل الخوض فيه، وهو حرام، وقد قال صلى الله عليه وسلم في حديث بلال بن الحارث: «إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت، فيكتب الله له بها رضوانه إلى يوم القيامة، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت، فيكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم القيامة» [رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني].
3- المراء والجدال والخصومة: وهذا كله منهي عنه، وقد قال الله تعالى: }وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ{[البقرة: 204، 205] وقال }وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ{[العنكبوت: 46]. وقال صلى الله عليه وسلم: «إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم» [رواه البخاري].
وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الفجور في الخصومة من علامات النفاق فقال: «أربع من كن فيه كان منافقاً، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها»... ومنها «إذا خاصم فجر» [متفق عليه].
فينبغي للمسلم أن يحفظ لسانه عن المراء والجدال والخصومة، لأن ذلك مما يوغر الصدور، ويهيج الغضب، ويزرع الحقد في النفوس، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا..» [رواه أبو داود وصححه الألباني].
4- الفحش والسب واللعن وبذاءة اللسان: وكل هذا مذموم ومنهي عنه، قال صلى الله عليه وسلم: «ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا بالبذيء» [رواه أحمد وصححه الألباني]. وقال صلى الله عليه وسلم: «سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر» [متفق عليه] وقال: «لا يرمي رجل رجلا بالفسوق، ولا يرميه بالكفر، إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك» [رواه البخاري].
وللأسف: فإن هذه الأشياء من الأمور التي انتشرت كثيرا في هذا الزمان خاصة بين الشباب، مع أن المسلم مطالب أن ينزه لسانه من الفحش، وأن يطهره من البذاءة، وأن يجله من ذكر العورات، وما يستقبح من الألفاظ والعبارات.
5- التقعر في الكلام وتكلف السجع والفصاحة: وهذا تكلف ممقوت، وتصنع مذموم، ولا باعث عليه إلا الرياء وإظهار الفصاحة والتميز بالبراعة، وكل ذلك مذموم يكرهه الشرع، ويزجر عنه، يقول صلى الله عليه وسلم: «...وإن أبغضكم إليَّ وأبعدكم مني مجلسا يوم القيامة: الثرثارون، والمتشدقون، والمتفيهقون» قالوا: قد علمنا الثرثارون والمتشدقون: فما المتفيهقون؟ قال: «المتكبرون» [رواه الترمذي وحسنه الألباني] وقال: «إن الله يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه كما تخلل الباقرة – أي البقرة - بلسانها» [رواه أحمد وصححه الألباني].
6- السخرية والاستهزاء والتنابز بالألقاب: وهذا محرم، لقوله تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ{[الحجرات: 11]، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم» [رواه مسلم].
والسخرية تعني الاستهانة والتحقير والتنبيه على العيوب والنقائص على وجه يضحك، ويكون ذلك بالقول والفعل والإشارة والإيماء.
7- الغناء والشعر: والغناء من أكبر الآفات التي أبتلي بها الناس، وهو يحسن الكلام القبيح ويزينه للناس، فيزداد قبولهم له، وإقبالهم عليه، كما أنه يحث الشباب على العشق والغرام وإضاعة العمر فيما يعود بالخسران والهلاك، والأدلة على تحريمه كثيرة منها قوله تعالى: }وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ{[لقمان: 6] ولهو الحديث هو الغناء كما ذكر ذلك جمع من السلف. وقال صلى الله عليه وسلم: «ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف...» [رواه البخاري تعليقاً].
أما الشعر- وهو من الآفات المنتشرة أيضا – فحسنه حسن، وقبيحه قبيح، وقد ذم النبي صلى الله عليه وسلم قبيحه ومدح حسنه، فقال: «لأن يمتلئ جوف رجل قيحاً يريه خير له من أن يمتلئ شعراً» [متفق عليه] وهذا ينسحب على الشعر القبيح الذي يدعو إلى الزنا والفاحشة، ويحث على القبيح من الأفعال، وفيه ذكر للنساء، أو مدح بما ليس في الممدوح، أو هجاء... الخ.
أما إذا كان الشعر يدعو إلى الأخلاق الطيبة، والعادات الحسنة، فهذا حسن، وهو المقصود في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن من الشعر لحكمة» [رواه البخاري].
8- الكذب: وهو جماع كل شر، وأصل كل ذم، لسوء عواقبه وخبث نتائجه وهو من قبائح الذنوب، وخصلة من خصال النفاق، وقد جاءت آيات الله تعالى محذرة منه حاثة على ضده وهو الصدق، يقول تعالى: }إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ{[النحل: 105] وقال: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ{[التوبة: 119].
وقال صلى الله عليه وسلم «عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، والبر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقاً. وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً» [متفق عليه].
9- المزاح: وهو يسقط الهيبة، ويخل بالمروءة، ويجرئ السفهاء، وقد قيل: «من كثر مزاحه، زالت هيبته» وهذا ينسحب على كثير المزاح، أما قليله الذي فيه إيناس للجليس، وإزالة للوحشة، ونفي للملل والسآمة، بشرط ألا يقول المازح إلا حقا ولا ينطق إلا صدقاً، فمباح، لحديث أبي هريرة قال: قالوا: يا رسول الله، إنك تداعبنا؟ قال: «نعم غير أني لا أقول إلا حقا» [رواه الترمذي وصححه الألباني].
وللأسف فقد كثرت هذه الآفة بين الناس حتى رأينا من يتخذها حرفة، مع أن كثرتها تؤدي إلى الضحك الذي يميت القلوب.
10- الغيبة: وهي خصلة ذميمة لا تصدر إلا عن نفس دنيئة، وهي كما عرفها النبي صلى الله عليه وسلم: «ذكرك أخاك بما يكره» [رواه مسلم]، وهي محرمة، وكبيرة من الكبائر، وذمها الله بقوله: }وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ{[الحجرات: 12] وهي لا تقتصر على اللسان فحسب، بل قد تكون بالإشارة بالعين أو اليد أو نحو ذلك.
* والأسباب الباعثة عليها كثيرة منها: التشفي من الآخرين، ومجاملة الرفقاء، والحسد، وكثرة الفراغ، والإعجاب بالنفس، والغفلة عن التفكر في عيوبها، وقلة الخوف من الله سبحانه وتعالى.
* وعلاج الغيبة أن يعلم المغتاب أنه متعرض لسخط الله تعالى ومقته، وأن الغيبة محبطة لحسناته يوم القيامة، فإنها تنقل حسناته إلى من اغتابه، وأن يتدبر المغتاب عيوب نفسه ويشتغل بإصلاحها، وألا يرضى الغيبة لغيره كما لا يرضاها لنفسه، وأن يصرف وقته في طاعة الله وعبادته بدلا من أن يصرفه في غيبة الناس، وأن يندم ويتوب ويتأسف على ما فعله، ثم يستحل المغتاب ليخرج من مظلمته.
11- النميمة: وهي نقل الكلام بين الناس على جهة الإفساد، وهي أيضا لا تصدر إلا من نفس دنيئة، وفيها إفشاء للأسرار، وهتك للأستار، وتقطيع للأرحام، وإفساد للروابط بين الناس، وقد ذمها الله بقوله: }هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ{[القلم: 11]، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن النمام لا يدخل الجنة، وأنه يعذب في قبره، وقال: «ألا أنبئكم ما العَضْة؟ هي النميمة، القالة بين الناس» [رواه مسلم].
وكل من حملت إليه النميمة يجب عليه ستة أمور: الأول: ألا يصدق النمام، لأنه فاسق. والثاني: أن ينهاه عن ذلك وينصح له، ويقبح له فعله. والثالث: أن يبغضه في الله الرابع: ألا تظن بأخيك الغائب السوء. الخامس: ألا يحملك ما حكي لك على التجسس. والسادس: ألا ترضى لنفسك ما نهيت النمام عنه، ولا تحكي نميمته.
12- إفشاء السر: وهي آفة منهي عنها لما فيها من الإيذاء والتهاون بحقوق الآخرين، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «إذا حدث الرجل بالحديث ثم التفت فهي أمانة»[رواه أبو داود وحسنه الألباني]، وقال: «المجالس بالأمانة»[رواه أحمد وحسنه الألباني].
فينبغي للمسلم أن يكون حافظاً للسر، معروفاً عند الناس بحفظه، وأن يراعي حرمة المجالس، وأن يحفظ حقوق الآخرين، فلا يفشي سرهم، ولا يحكي أخبارهم، لأن ذلك ضرب من ضروب الخيانة.
13- شهادة الزور: وهي كبيرة من كبائر الذنوب بل من أكبر الكبائر، يقول صلى الله عليه وسلم: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثا: قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وجلس وكان متكئاً فقال: ألا وقول الزور. قال: فمازال يكررها حتى قلنا ليته سكت» [متفق عليه] وقد وصف الله عباده المؤمنين بقوله: }وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ{[الفرقان: 72].
14- القذف: وصاحبه ملعون في الدنيا والآخرة، وله عذاب عظيم، قال تعالى: }إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ{[النور: 23] وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «...ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال، وليس بخارج» [رواه أحمد وصححه الألباني].
والقاذف عليه في الدنيا ثمانون جلدة، وتسقط شهادته، لقوله تعالى: }وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا{[النور: 4].
15- اليمين الكاذبة عمداً: فعن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من حلف على مال امرئ مسلم بغير حقه، لقي الله وهو عليه غضبان» ثم قرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مصداقه من كتاب الله عز وجل: }إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا{[متفق عليه] وقال: «من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار، وحرم عليه الجنة». فقال رجل: وإن كان شيئاً يسيراً يا رسول الله؟ قال: «وإن قضيباً من أراك» [رواه مسلم].
16- وهناك آفات أخرى للسان غير ما ذكر نذكر منها إجمالاً: البهتان والافتراء، والحلف بغير الله، والتعيير والتوبيخ، والنياحة على الميت، وإخلاف الوعد، والطعن في الأنساب، وغير ذلك كثير.